تقول التقارير الأجنبية إن مصر تعيش لحظة "حساسة" ربما لأن الحر شديد، أو لأننا ندخل موسم الحديث عن التوريث، أو لأن البرادعى سافر وترك أنصاره يقاتلون "ويتقاتلون" وحدهم ليزيدهم إحراجا مع النظام، أو لأن حركة ترقيات الشرطة لم تأت بجديد، وربما لأن المصريين غضبوا لمنع فيروز من الغناء بأمر قضائى فى لبنان- رغم أننا نرفض أن يتدخل أحد فى أحكامنا القضائية بوصفها شأنا داخليا- كما أن لصوت فيروز رب يحميه..
ربما أيضا تكون تلك اللحظة الحساسة متعلقة بفقدان شيكابالا شعبيته لدى جمهور الزمالك تدريجيا "أو أن الانفجار فى أزمة جدو بات وشيكا"، أو لأن الإخوان لا يعلمون ماذا تخبئ لهم الانتخابات القادمة، أو لأن رمضان على الأبواب والناس تتحفز للحكم على المسلسلات، أو لأن بعض الأقباط يشعرون بالحرج بعد عودة زوجة كاهن دير مواس.. المهم أيا كانت حساسية تلك اللحظات فإنها لن تكون "تاريخية".
لا أخفيك سرا أننى أيضا أعيش لحظات حساسة لا أدرى لها سببا، ولكن أشعر بها، أنت أيضا تعيش تلك اللحظات، فكلنا فى الهم سوا، ولو استوقفت أى شخص فى الشارع وسألته بماذا تشعر الآن سيجيبك "أنا عايش لحظات حساسة" أرجوك لا تسىء فهمه، فربما يكون محتاجا للدخول الحمام "فى قاهرة المعز التى تذل أى مزنوق"، أو أنه فاز بعشرة أرغفة من طابور العيش الذى يقف فيه منذ الصباح، أو ربما عرف أن الحشيش أصبح وافرا، فتحولت من لحظات حساسة إلى لحظات "حشاشة"، أو ربما كان ذاهبا لصرف المعاش، إنها بالتأكيد لحظات "حساسة".
أنا أعيش منذ أكثر من ربع قرن "تقريبا كلها لحظات حساسة"، ولم أفتح عينيا يوما إلا وأجد من يقول إننا فى لحظة فارقة، أو حدث تاريخى أو إنجاز غير مسبوق، أو أعوام الحسم، منذ ربع قرن وأنا لم أشعر بأى تغيير، نفس الوجوه والمصطلحات، الخطب والتصريحات، حتى الكرافتات التى يرتدونها ألوانها لم تختلف كثيرا، وكله تكرار أصابنا بالتبلد، حتى اللحظات السعيدة أصبحنا نستقبلها خوفا ووجلا، فلا تحسبن أن تغييرا حدث دون أن تشعر به، ولا تترك عقلك لأوهام التقدم، ومواكبة العصر وتحديث الآليات، كل هذا خداع، وإذا أردت أن تشعر بالتغيير فافعل مثلى، صدق أن كل لحظاتك "حساسة" وابحث بينها عن لحظة واحدة "عادية" تجدد حياتك.