حتما سيأتى اليوم الذى ينتهى فيه احتكار نقابة واحدة لأى مهنة.. لماذا؟
لأن هذه الأحادية سببت كوارث ومصائب، بل هى فى الحقيقة نتاج لتفكير عفا عليه الزمن، تفكير أنظمة حكم تحلم بصب الشعب، كل الشعب فى نموذج واحد وحيد. وهو بالطبع نموذج الزعيم الأوحد الملهم، الذى يريد جر القطيع وراءه فى تنظيم واحد، نقابة واحدة وحزب واحد ورئيس واحد يسيطر على كل شىء فى البلد.
النتيجة كما نراها الآن، نقابات تسيطر عليها الحكومات المتوالية، والنقابة التى لا تسيطر عليها بالكامل مثل المحامين والصحفيين، سيطرت عليها تيارات سياسية حولتها إلى ساحة للصراع الحزبى، والنتيجة النهائية هى ضياع حقوق كل الأجراء فى البلد، وانهيار مروع فى كل المهن، وعلى رأسها مهنة الصحافة، فالنقابات تحولت إلى أندية خدمات، "بتشحتها" من الحكومة أو من غيرها، وليس على رأس أولوياتها أجور محترمة توفر حياة كريمة ولا علاقات عمل إنسانية تصون حق الأجراء والُِملاك، وليس على أجندة أولوياتها تطوير الأداء المهنى للعاملين بها حتى يستطيعوا رفع أجورهم.
ناهيك عن أن فكرة التنظيم الواحد للمهنة الواحدة، فيها انتهاك صريح للحريات، فالقانون الحالى يجبر الجميع على الاشتراك فى النقابة، حتى لو كانت من وجهة نظر المواطن لا تقوم بأى دور، بل ولا تدافع عن مصالحه، بل هى فى أحيان كثيرة تقف ضد مصالحه، إما لصالح أصحاب العمل، أو لصالح السلطة الحاكمة، وأحيانا لصالحهما معا. وهذا الإجبار غريب وعجيب وضد حقوق الإنسان وضد منطق الحرية، ونتاج لفكرة حشد وتعبئة القطيع فى تنظيم واحد يمكن للسلطة الحاكمة أن تتحكم فيه.
لدينا نموذج نقابة الصحفيين التى تعادى الصحفيين الذين لم يمنحهم المُلاك عقود عمل، فهى لا تعترف أصلاً بأنهم صحفيون رغم ممارستهم للمهنة، ولا تدافع عنهم حتى لو قتلهم صاحب العمل، بل إن القانون الحالى يجيز سجن هؤلاء الزملاء بتهمة انتحال صفة صحفى، فهل رأيتم فى الدنيا كلها نقابة تعادى ويمكن أن تسجن عاملين فى المهنة التى تمثلها؟
فهل منطقى أن يستمر كل ذلك؟
لا أظن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة