من المؤكد أن آخر ما يمكن أن يخطر على بالك أو بالى هو أن تذهب برجليك إلى وزارة الداخلية لكى تحصل على موافقتها على الاعتكاف فى بيت من بيوت الله، ولابد أن تسأل نفسك مثلى: ما علاقة وزير الداخلية بشأن بين الإنسان وربه، وما هو الخطر الذى ستواجهه الدولة المصرية إذا اعتكف أى مواطن وتعبد فى مسجد؟
الحقيقة أنه لا يوجد خطر، ولكنه الهوس الأمنى الذى يخلط بين التدين، وهو حق لكل المصريين، وبين ممارسة الأعمال المنافية للقانون، حتى يكاد يكون التدين شبهة، ويمكن أن يجعل صاحبه فى وضع مريب، أو مشكوك فيه من قبل الأجهزة الأمنية، ولعل المثال الأقرب هو الصراع الذى خاضته الجماعات الصوفية مع وزارة الأوقاف والأجهزة الأمنية لأنهم يريدون ذكر الله فى المساجد.
أضف على ذلك ما نشره الزميل خالد كامل فى جريدة المصرى اليوم، فأجهزة الأمن فى محافظة القليوبية أخلت مساجد مدينة القناطر الخيرية من المصلين عقب صلاة العصر، بل واقتادت من اعترض على هذا الانتهاك لحق بديهى من حقوق الإنسان إلى مديرية الأمن، ولم يتوقف الانتهاك عند هذا الحد، بل إن الأجهزة الأمنية طلبت من مديرية الأوقاف كشوفا بأسماء المترددين على المساجد من أجل الاعتكاف، وأرقام بطاقاتهم لكى يتعرفوا على انتماءاتهم السياسية.. فهل هذا منطقى؟!
بالطبع لا، والحجة التى جاءت فى الخبر أيضا غير منطقية وهى ضمان عدم استغلال أعضاء جماعة الإخوان المساجد فى الدعاية الانتخابية، والحقيقة أنه عذر أقبح من ذنب، أولا لأن من حق أى مواطن، بما فيهم الإخوان، أن يعتكف، وأن يمارس عباداته كما يشاء، فهذا ليس شأنا حكوميا على الإطلاق، وليس من حق أى حكومة فى الدنيا التدخل فيه، بل واجبها الذى من أجلها هى موجودة هو حماية حق المواطنين فى أن يمارسوا عباداتهم بحرية مطلقة، وعندما يخالف أى مواطن القانون، فالفيصل هو القضاء.
فليس منطقيا أن نغلق الشوارع لأنه من المحتمل أن يخالف مواطن قانون المرور.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة