قبل شهور كنا نتحدث عن صفقات قمح روسى أو أوكرانى فاسد، واحترنا كالعادة واحتارت الأجهزة الرقابية والبرلمانية بحثا عن الفاعل دون جدوى، واكتشفنا أننا أكلنا القمح خبزا بالهناء والشفاء، وفقد الإعلام اهتمامه بالموضوع وانصرف إلى موضوعات أخرى، لكننا اليوم نرى أنه حتى القمح الفاسد لم يعد فى متناول اليد بعد حرائق روسيا التى خفضت إنتاج القمح العالمى، وأصبحنا نفكر فى طرق جديدة لإنتاج القمح من روسيا أو فرنسا وأمريكا وكندا إلخ إلخ..
وكل التصريحات والكلمات الحكومية تتحدث عن تأمين استيراد المزيد من القمح، ومنذ سنوات بعيدة نسمع ونقرأ عن أبحاث لعلماء وخبراء مصريين فى مركز البحوث الزراعية قدموا أبحاثا عن زيادة إنتاجية القمح وإمكانية زراعته فى الأراضى المستصلحة والصحراء، وأفكار أخرى عن تعويض القمح بزراعة الشعير وهو محصول أكثر إنتاجا وأعلى فى القيمة الغذائية، ويصلح الشعير فى الأراضى المالحة والرملية، وكانت هناك اقتراحات بزراعة الذرة مع القمح.. المهم أنه كانت هناك أفكار ودراسات وأبحاث. وأظن أن دور وزير الزراعة هو البحث عن الخبراء والدراسات واتخاذ قرار بالتنفيذ أو مزيد من الدراسة، لكن وزير الزراعة أمين أباظة لم يفعل ولا أظنه سيفعل.
مع أن وزير الزراعة أمين أباظة يفترض أنه كان رجل أعمال يفهم الاستثمار ويتخطى البيروقراطية، لكنه يبدو من النوع الذى يرى رجل الأعمال تاجر أو سمسار، يبحث عن الربح القريب حتى لو كان يحمل خسارة بعيدة. أمين أباظة رأينا تصريحاته أيام دعاوى ومطالب بدعم الفلاح المصرى الذى يزرع القمح، مثلما تفعل الدول الكبرى، وزير الزراعة قال على ما أتذكر أرخص لنا أن نستورد القمح بدلا من زراعته، ولم يتم دعم الفلاحين وانصرف كثير منهم عن زراعة القمح، وانخفض إنتاجنا من القمح. لأن عقلية التاجر والسمسار لا تتجاوز ما تحت الأرجل. ويفضل سؤال اللئيم، مع أن المثل يقول لهم "حمارتك العرجة ولا سؤال اللئيم"، وحتى لو كان قمحنا أقل كفاءة، وندعم الفلاح من أجله فهذا أفضل من أن نظل رهن الحرائق والقرارات وخلافه.. وعندما تظهر أزمة القمح يتحدثون عن أوكرانيا وروسيا، وإذا ظهرت أزمة اللحوم يتحدثون عن الاستيراد من إثيوبيا أو غيرها، لأن وزراءنا يفضلون سؤال اللئيم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة