با الزهراء قد جاوزت قدرى
بمدحك بيد أن لى انتسابا
فما عرف البلاغة ذو بيان
إذا لم يتخذك له كتابا
مدحت المالكين فزدت قدرا
فحين مدحتك اقتدت السحابا
الأبيات من قصيدة «سلو قلبى» لأمير الشعراء أحمد شوقى، والتى تغنت بها كوكب الشرق، لم تكن على شاشة دريم الأسبوع الماضى بصوت أم كلثوم؛ بل كانت بصوت الشيخ النقشبندى!.
كعادتها أرادت الإعلامية منى الشاذلى، أن تترك ذكرى قوية قبل إجازة البرنامج السنوية فى شهر رمضان، فقدمت حلقة مميزة عن الشيخ سيد النقشبندى، استضافت فيها ابنه وأحفاده، والذين قدموا بأصواتهم عدداً من أشهر ابتهالات النقشبندى.
النقشبندى أو الكروان، كما أطلق عليه، هو أحد أبرز القراء والمبتهلين المصريين فى القرن العشرين، حتى أن صوته إحدى علامات شهر رمضان فى مصر، ويعرفه جميع المصريين من الثروة الضخمة من الأدعية والتواشيح والابتهالات التى تركها للإذاعة المصرية.
الحلقة أذاعت عدداً من الابتهالات منها ما هو نادر، ومنها ما تمتلكه أسرته ولا يوجد لدى أحد غيرها، أما من التسجيلات النادرة فكان لقاء بين الشيخ صاحب المدرسة الأبرز فى الابتهالات، وبين الإعلامى الكبير طاهر أبوزيد، وفيه قال الشيخ بأنه يحب صوت أم كلثوم، وحين طلب منه أبوزيد غناء أحد أعمالها، فما كان من النقشبندى سوى أن سارع بغناء الأبيات السابقة من «سلو قلبى».
طبعاً.. لا حاجة للحديث عن مستوى الحوار الراقى، المستند إلى خلفية ثقافية كانت سائدة فى ذلك الزمن، والتى كانت تحترم الفن وتقدر الجمال، والتى تجعل حواراً مع مبتهل ومنشد للتواشيح الدينية، يتطرق إلى صوت أم كلثوم، وتجعله يغنى قصيدة سبق وقدمتها. تلك كانت مصر حينها، ليست مصادفة.. أن الزمن الذى يعرف صوت أم كلثوم وكلمات وألحان أغنيها، هو نفسه الذى يصدح فيه النقشبندى بالابتهال إلى الله ؛ فالثقافة السائدة لا تتجزأ.
فى الحلقة تحدث أفراد أسرة الشيخ الراحل، عن أنه قدم عمله دون مقابل مادى لوجه الله، وكان فخوراً بذلك وهم أيضاً، خاصةً حين يسمعون صوته يشدو فى كل مكان، لكنهم تحدثوا بمرارة عن ضياع حقوقهم فى الملكية الفكرية، والتى يمكن أن تساعدهم فى الحفاظ على تراث صوت النقشبندى، والذى لا يزالون يمتلكون الكثير منه ولا يوجد عند سواهم، لكنهم فى حاجة للانفاق عليه وترميمه كى يعيش على مر الزمن.
الحلقة التى سادتها روحانية منبعها التواشيح بصوت النقشبندى وأبنائه، فتحت أيضاً ملفاً مهماً جديرا بالاهتمام، فأصوات المنشدين المصريين هى ثروة حقيقية لن يعوضها الزمن.