نظن أن العقيدة أقدس من أن تتحول إلى ألعوبة، أو أن يتحول الإيمان إلى استعراض سطحى وفج، أو أن يتحول أنصار العقائد إلى مشجعين متعصبين ينتصر كل منهم لناديه.. ولا نظن أن مهاجمة الإسلام تفيد المسيحية، أو مهاجمة المسيحية تفيد الإسلام، نقول هذا بمناسبة مباريات التعصب التى تدور بشكل طائفى، ويلعب فيها الإعلام للأسف دوراً بالغ الخطورة، ونقصد تجدد الحديث فى قضية زوجة الكاهن المختفية، وعودتها والحكايات التى تروى، هناك من نشر معلومات عن إسلام كاميليا، ومصدر قال إنها أسلمت وأن الأزهر رفض توثيق إسلامها لأسباب أمنية، وبصرف النظر عن فكرة انتقال السيدة إلى الإسلام أو بقائها على دينها، فإن الأمر يتعلق هنا بحالة من الالتراسية الدينية، وهى حالة لا علاقة لها بالإسلام والمسيحية.
وتحولت إلى ما يشبه التجارة والرغبة فى الكيد، من قبل متعصبين مسلمين أو مسيحيين حولوا الأديان إلى صورة من مباريات كرة القدم يتعصب كل جمهور لفريقه بصرف النظر عن الواقع، وهو أمر لا علاقة له بإيمان أى من هؤلاء، لأن المؤمن غالباً لا يحول إيمانه إلى مباراة فى سب وشتم المعتقدات الأخرى بقدر ما يسعى لتقوية عقيدته وتقديمها فى أفضل صورها، وللأسف فالضحية من الطرفين هم هؤلاء المهزومين فى الحياة الذين يتصور الواحد منهم أنه سينهى هزائمه إذا هاجم من يعتنقون ديانة أخرى.
وللأسف فإن الالتراس الدينى خطر على الإيمان عموماً، لأنه يزرع الكراهية بين المعتقدات فى وطن يفترض أن مواطنيه سواسية، وأن مواطنيه يتشاركون فى القهر والتسلط والحرمان من الفرص، وأولى بهم أن ينتصروا لأنفسهم بدلا من أن ينتصروا على بعضهم.
وأقول هذا رفضاً للطريقة التى حاول بها البعض تصوير إسلام كاميليا على أنه فوز فى مباراة منصوبة، مباراة ليست فى الإيمان لكنها فى العبث بالأديان.
فإذا قلنا إن الاعتقاد حرية لأى طرف، فإن الأمر يتعلق بتغيير الاتجاه الدينى، وهو أمر يتعلق بقلب المؤمن مسلماً أو مسيحياً، نقول هذا مع وفاء قسطنطين أو كاميليا كما نقوله فى حالة محمد حجازى المتنصر الذى حول قضية تحوله الدينى إلى جزء من قضية إعلامية استغلها التراس القس زكريا مثلما يفعل التراس مسلمون فى قضية إسلام فتيات أو سيدات مسيحيات.
نقول هذا ونحن نعلم أن الانتقال بين الأديان أو تغيير الدين أو الملة كان موجوداً فى مصر وباقى الدول من سنوات طويلة وكان يتم بهدوء وبدون ضجة إعلامية ولهذا لم يكن يثير كل هذه المعارك الوهمية، لأن الأمر كان بالفعل يتعلق بالعقيدة وليس بالمنظرة والبيزنس.
والكثير ممن يروجون لمباريات العقائد هم أبعد ما يكونون عن مشاعر الإيمان التى تمنع التشهير أو التشفى، لقد رأينا كيف كانت قصة المتنصر محمد حجازى مثيرة كما كانت عملية تنصر مجدى علام قبل ثلاث أعوام، فى الفاتيكان نوعا من الاستعراض التليفزيونى الهدف منها الربح والنجومية وأن كانت هذه العمليات تنتهى غالباً إلى الظل، لأنها لا تمثل ترجمة إلى إيمان، بل نوع من الاتجار والبيزنس وفى حالات كثيرة تلجأ القنوات التى تزعم أنها تدافع عن الإسلام أو المسيحية تلجأ إلى الكذب والاختلاق من أجل تقديم متأسلم أو متنصر، بينما من يختر تغيير دينه يفعل هذا عن اقتناع يدفعه إلى الانعزال والابتعاد عن الدعاية التى تحول الشخص إلى فرجة ليس أكثر.
نعود لقصتنا قصة زوجة الكاهن كاميليا التى أثارت الكثير من اللغط وكان خبر إعلان أنها أسلمت مصحوبا بدعاية من مجهول قال إن الأزهر رفض توثيق إسلامها وأن الأمن تدخل، وانهالت التعليقات تشكك أو تؤكد وكلاهما يعلم أن تغيير العقيدة لا يقلل منه أو يزيده التوثيق، وأن تحويل العقائد إلى مباريات تقليل من شأنها ومن شأن فكرة الإيمان نفسها، وإذا كان كلا الطرفين يستند إلى حرية العقيدة لتخدم اتجاهه فإن هذه الحرية تتنافى مع الضجيج الذى يمارسه متعصبون لا علاقة لهم بالدين، بل بالدعاية والبيزنيس الذى يمارسه قنوات الإدعاءات الدينية التى لا علاقة لأى منها بالإيمان هنا أو هناك، ولن يفيد الإسلام أن يكسب شخصاً دعائياً، ونفس الأمر فى المسيحية، ومن الأفضل للمهزوم أن يبحث عما يقويه بدلاً من البحث عما يضعف به الآخرين، والحياة أوسع من عقول الالتراس.