ما كل هذا الغموض الذى يغلف ملف الغاز فى مصر.. هل هناك أسرار وأشياء لا نعرفها ولا يصح أن نعرفها وأن نقتنع ونكتفى فقط بالطلة المبهجة البهية للوزير سامح فهمى بابتسامته الودودة ليقرأ علينا مما تيسر الإعلان عنه من الاكتشافات والاحتياطات الضخمة من البترول والغاز التى تكفى وتفيض على الجيران وجيران الجيران، ثم نكتشف فجأة فى أزمة انقطاع الكهرباء الحالية أن كميات الغاز لا تكفى لسد احتياجات شبكات توليد الكهرباء مع زيادة الاستهلاك خلال شهور الصيف.
هناك غموض بالفعل فى ملف الغاز المصرى سواء فى سياسة الإنتاج أو التصدير واتفاقيات الشراكة فى البحث والتنقيب واستهلاك احتياطيات مصر من الغاز الطبيعى والأسئلة المتعلقة بهذا الشأن كثيرة ومتشابكة، ثم جاءت أزمة انقطاع التيار الكهربائى فى مصر لتجدد الدعوة مرة أخرى لمناقشة هذا الملف الساخن من جديد.
وزارة البترول تتعامل مع موضوع الغاز فى سرية تامة ودون الكشف عن إستراتيجية واضحة وسياسة معلنة تجاه أحد أهم ثروات الشعب المصرى الذى هو من المفترض أن يكون ملك له ولأجياله المقبلة وليس ملكا لوزير أو حكومة أو رئيس.
وعندما ترتفع الأصوات فى الأزمة الحالية بضرورة وقف تصدير الغاز إلى الخارج وخاصة إلى إسرائيل فى ظل تنامى الاستهلاك المحلى، والاحتياج الشديد لمحطات توليد الكهرباء للغاز الطبيعى، فإن هناك مصلحة عليا لايجب إهمالها والالتفاف حولها بالصمت أو بالتحجج بالقوانين والمعاهدات الدولية، فروسيا قررت وقف تصدير القمح بسبب الحرائق ورأت أن المصلحة العليا تتطلب ذلك ورأت أن من حقها اتخاذ كافة الإجراءات التى تتوافق والمصلحة الوطنية رغم العقود والاتفاقيات الدولية الموقعة معها لاستيراد القمح ومع ذلك لم يعترض أحد لأن الاتفاقيات الدولية تتضمن بنودا خاصة تسمح بإجراءات استثنائية فى حالة الأزمات والكوارث، وهذا ما قامت به روسيا ولم تجرؤ وزارة البترول فى مصر القيام به.
الخبراء والعارفون بشئون الغاز والبترول فى مصر يؤكدون أن وقف التصدير مع الدول الموقعة معها مصر لا يتعارض مع القوانين الدولية وأنه-على سبيل المثال- لو تم تطبيق حكم المحكمة الإدارية العليا بوقف تصدير الغاز الطبيعى لإسرائيل فلن تتعرض مصر لأية مساءلة خاصة أن الهيئة العامة للبترول تبيع الغاز لشركة حسين سالم وهى شركة مصرية تخضع للقانون المصرى وتقوم بتصديره إلى إسرائيل، كما أن تصدير الغاز لإيطاليا جاء بقرار رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف وليست اتفاقية، ويوجد فى كافة العقود الدولية أنه حالة وجود غبن داخل الاتفاق يتم فسخه، وروسيا فعلت الشيء ذاته عندما أوقفت توريد الغاز إلى أوروبا ولم يحدث شىء.