إحدى الصحف الأمريكية أجرت عدداً من الحوارات بشأن النمو الاقتصادى المذهل الذى تحققه الصين والتوقعات المبشرة بتحولها إلى عملاق اقتصادى خلال السنوات العشر أو العشرين المقبلة.
لم تأت إجابات المسؤولين الصينيين وفيهم وزراء الاقتصاد والتخطيط والتنمية محشوة بكلام أجوف عن التنمية غير المسبوقة التى حققتها الصين فى عهد السيد الرئيس «هو جينتاو» وفى عهد حكومته الرشيدة برئاسة «وين جياباو» ولم يرفع الوزراء شعارات الصين فوق الجميع والصين هى أمى، ويا حبيبتى يا صين يا أم البلاد، وجاءت إجابات متواضعة عاقلة غير مستفزة سواء للشعب الصينى أو للدول الكبرى المتخوفة بالفعل من نهضة التنين الصينى، بل إن أحد الوزراء فى تواضع صينى عجيب قال «مازلنا نتعلم، نحن دولة تسعى للخروج من الفقر».
حوارات وتصريحات العقلاء فى الصين يقابلها فى مصر تصريحات استفزازية لا تتوقف من بعض وزراء حكومة الدكتور أحمد نظيف وآخرها كلام الدكتور عثمان محمد عثمان وزير الدولة للتنمية الاقتصادية عن معدلات الفقر فى مصر والتى لا تتجاوز 17 بالمائة وهى معدلات مناقضة تماما لتقارير دولية كثيرة تؤكد أن معدلات الفقر فى مصر تتجاوز 40 بالمائة وأن نصف الشعب المصرى تقريبا يعيش تحت خط الفقر.
الوزير عثمان لا يعترف بأية منظمات دولية لا تأتى تقاريرها على هواه لأنه بصراحة «وزير كويس وفاهم» وكمان «أستاذ اقتصاد وعارف شغل التقارير الدولية إياها». وهو بالمناسبة صاحب تصريحات شهيرة فى الآونة الأخيرة أثارت عليه الرأى العام وأصبح آراؤه وتصريحاته أقوالا مأثورة مثل «الحكومة مش مسؤولة عن الفقر» و«اللى دخله جنيه ونصف فى اليوم ده مش فقير» و«ارتفاع سعر اللحمة دليل على رفاهية الشعب».
الدكتور عثمان بتاع الفقراء أعلن أن 4 ملايين مصرى كانوا يعيشون تحت خط الفقر خرجوا منه..! بالطبع لايعرف أحد سوى الدكتور إلى أين خرجوا وإلى أين ذهبوا فوق الأرض أو تحتها دون رجعة.
والناس حائرون يتساءلون فى جنون هل الدكتور عثمان وزير من مصر أو وزير فى حكومة أخرى فى اليابان أو كوريا، وإذا كان من مصر فلماذا لايتوقف عن سيل التصريحات عن انحسار الفقر وتراجع معدلاته ويتواضع على الطريقة الصينية.
الملفت أنه فى الوقت الذى يتجاهل فيه الدكتور عثمان أرقام المنظمات الدولية ولايعترف بها، تهلل الحكومة لتقرير آخر صادر عن البنك الدولى بمناسبة تبوؤ الاقتصاد المصرى المركز 42 عالميا والثالث عربيا.
الدكتور عثمان ذو مرجعية يسارية وعضو سابق فى اللجنة الاقتصادية لحزب التجمع وكان أحد المنتقدين بشدة للأوضاع الاقتصادية فى مصر حينها وأحد المدافعين بشراسة عن الفقراء فى السابق.