عيب السادة صناع المسلسلات والبرامج أنهم فاكرين إن الشعب المصرى داقق عصافير، وعيبهم الأكبر أنهم وافقوا على لعب دور الشياطين فى رمضان بعد أن قامت السماء بتقييد وتصفيد إبليس وأتباعه، حينما تتابع هذا الشبق فى صناعة حوالى 70 مسلسلا تتسابق فيها كل ممثلة على خلع ما هو أكثر من الهدوم، ويتسابق كل مؤلف على زرع كل ما هو قبيح بين النصوص، حينما ترى هذه الرغبة فى صناعة عشرات من البرامج التى لا تتوقف جريمتها عن حد التفاهة والإسفاف، بل تتحول إلى مسابقة بين الضيوف والمذيعات على إظهار أحسن ركبة وأجدع كتف، وأحقر لفظ.. حينما تتابع فرح صناع الفن بكل هذا السفه تشعر وكأن هناك اتفاق مسبق بين هؤلاء وبين إبليس.. إذا هو رحل مع طلة هلال رمضان دخلوا هم ليحلوا محله، وإن كان إبليس ينصرف مع أوقات الأذان والصلاة فهؤلاء لا ينصرفون ستجدهم أمامك على كل شاشة وفى كل وقت.. وإذا كان شارع الهرم ينتعش ويزدهر فى موسمه الصيفى فإن الفضائيات تنتعش أكثر وتزدهر أكثر فى موسمها الرمضانى.. ذنوب ديليفرى ينقلها إليك الريموت كنترول طالما هو بيدك.
زمان ونحن صغار كنا نعرف أن الأيام العشرة التى تسبق الشهر الكريم هى أيام الإعلان عن السمنة والزبادى ومحلات الحلويات وبرامج طبق اليوم، الوضع تغير كثيرا الآن فإعلانات المسلسلات أكثر من إعلانات السمنة والزيت، وإعلانات البرامج ضعف إعلانات الزبادى، وإعلانات الإثنين معا ضعف أى كلام عن رمضان شهر العبادة والذى منه، أنا لا أعترض على المسلسلات أو البرامج أو غيره فنحن جيل تربينا على الفوازير وألف ليلة وليلة ومسلسل ما قبل صلاة العشاء الذى تتم إعادته عصر كل يوم لكى نتسلى به قبل الإفطار..
الاعتراض هنا على هذا الكم المبالغ فيه من هذا السفه وتلك التفاهة، الاعتراض هنا يكمن فى التفاصيل، بداية من المضامين الفارغة لأغلب المسلسلات وانتهاء بالأسئلة والضيوف المكررين فى كل البرامج، تنتقل من محطة إلى الأخرى تجد نفس الضيف يسأله المحاور نفس السؤال، مع اختلاف بسيط فى شكل الديكور ونوع المزيكا وبالطبع اسم البرنامج.
هذا العام يبدو أننا سنعانى بشكل أكبر فالراقصة لوسى جاهزة لرمضان بمسلسل مع نفس الطقم الذى عذبنا العام الماضى بكلام نسوان، وإلهام شاهين ستطل علينا بصراخها ومسلسلاتها غير المفهومة مرتين، ويسرا ستأتينا بكل ما هو غريب وكئيب وملل، وتلك المرأة الساذجة التى تلقب نفسها بالجريئة ستواصل برنامجها على القنوات المتخصصة وستقدم لنا نفس الملل والمزيد من الملل ولا شىء آخر فى فشل آخر يضاف إلى سلسلة أفلام إيناس الدغيدى الفاشلة.. وتلك المرأة الإيطالية التى تتاجر بأصلها الفلسطينى وتعتقد أن الجرأة هى أن تغمز بعينها وقت السؤال أو تهمس بشفتها وقت الرد رحمنا الله منها هذا العام، ولكن طارق نور ابتلانا بالسيدة وفاء الكيلانى التى تنهزم فى كل حوارتها وتعتقد أنها مذيعة شاطرة رغم أنها لا تأتى بسؤال من خارج صفحات الجرائد القديمة والتى يكون قد سبق وأن نفاها الضيف من قبل عشرات المرات.. تحتضن الريموت كنترول وتقلب وتقلب وتهرب من هذه الفضائية إلى فضائية أخرى فلا ينتابك سوى شعور واحد بعد شعورك بالقرف هو شعور من وقعت فى يده صحيفة صفراء.. هكذا تحولت الفضائيات فى رمضان.. فضائيات صفراء.
لاحظ المسلسلات موضوعاتها ستجد أن أغلب الموضوعات تدور حول السرقة والمخدرات والخيانة والعلاقات النسائية والطمع والجشع نفس المضمون الذى يملأ صفحات صحف الحوادث التى تباع على الأرصفة، أما إذا انتقلت إلى البرامج فحدث ولا حرج.. دعك من ضحالة بعض مقدمى البرامج، ودعك من الأفكار المكررة أو تلك المسروقة بالنص من برامج أجنبى، ودعك من الممثلين الفشلة الذين تحولوا إلى مقدمى برامج فى محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.. دعك من كل هذا وركز مع حالات الاستظراف التى سيبدو عليها المذيعون والضيوف، اللهم إلا من رحم ربى..
لن أقولك لك أغلق التلفزيون، فذلك أمر يصعب تنفيذه أمام هذا الكم من الإغراءات، ولن أقول لك تفرغ للعبادة والصلاة لأن شهر رمضان وجد لذلك لأن تلك علاقة بينك وبين ربك هو وحده يراقبك وأنت وحدك تحصل على الذنوب أو الحسنات، فقط أتمنى عليك أن تنتقى ما تشاهده، وألا تشارك فى أى اتصال هاتفى يخبر الفنان الفلانى بأنه عظيم أو فظيع أو جامد، وألا تسأل صديقك أو صديقتك قائلا: شفت المسلسل الفلانى، أو البرنامج العلانى خاصة إذا كان لا يستحق، أرجوك لا تسمح لهؤلاء التجار بأن يبيعوا لنا تجارتهم الفاسدة، لا تدعهم يبيعون لنا الهواء فى قزايز لعلهم يكتشفون أن التركيز فى عمل واحد أو اثنين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو حتى 10 يمنحهم فرصة للإتقان والتجويد ويمنحنا نحن فرصة للمشاهدة والنقد.. والعبادة.. وكل رمضان وأنتم بخير.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة