من لا يملك قوته لا يملك قراره ولا حتى يحكم وطنه.. وقوت مصر هو القمح التى لم تعد تزرع منه ما يكفيها لشهور قليلة ثم تبقى بعدها أسيرة للتسول من صوامع وشواطئ العالم الخارجى ويهددها شبح الجوع إذا امتنعت دولة أو عصفت بأخرى كارثة طبيعية، حرائق روسيا التى تلتهم كل شىء الآن كشفت حجم الكارثة التى نعيشها مع حكومة تفتقد الرؤية السياسية والإستراتيجية فى حماية الخط الأول فى الأمن القومى المصرى وهو الغذاء بعد أن أصبحنا نعتمد على الخارج فى توفير معظم القوت وباتت مصر التى كانت فى وقت ما من ماضيها العريق سلة الغذاء للعالم من حولها، مهددة بشبح المجاعة لمجرد اشتعال حريق فى روسيا عرفنا معه أن نصف ورادتنا من القمح نستورده من موسكو- مابين 2 إلى 3 ملايين طن من إجمالى 6 ملايين طن نستوردها من الأقماح العالمية-
فلو تصورنا سيناريو كابوسى مزعج-لا قدر الله- أن حرائق روسيا تزامنت مع حرائق أو ظروف مناخية وكوارث طبيعية أخرى فى دول نستورد منها باقى احتياجاتنا من القمح، فكيف سيكون الحال، هل تقع المجاعة التى لا محالة منها، هل تتوقع الحكومة هذا السيناريو الكارثى، وهل لديها مخطط لإدارة مثل تلك الأزمات؟،
من المسئول الآن عن الأزمة؟، هل هو وزير الزراعة الذى ترك الفلاح دون دعم واستسهل شراء القمح من الخارج على اعتبار أن شراء العبد أيسر من تربيته؟، أم هى الحكومة التى أهملت زراعة الأرض من أجل حفنة المستوردين من كبار رجال الأعمال؟، بالفعل هى الحكومة التى لا يجنى ثمار سياستها سوى أصحاب رؤوس المال وذوى النفوذ فى مصر والتى تعبر عن مصالحهم وتعمل من أجل راحتهم دون باقى أفراد الشعب.
حرائق روسيا لا بد أن تمتد إلى كل مسئول عن تهديد مصر فى أمنها القومى من الغذاء والى كل من لم يستمع إلى التحذيرات من الكارثة المتوقعة، فقد حذرت تقارير جهات علمية وحكومية من الأزمة ولم تنصت الحكومة ومضت فى تنفيذ سياسة ومخططات رجال الأعمال، أحد هذه التقارير تقدم بها قطاع الشئون الاقتصادية بوزارة الزراعة قبل أشهر وكشف تعرض محصول القمح المحلى إلى الانخفاض بنسبة مخيفة وصلت إلى 3 أرادب للفدان أى أن نسبة الانخفاض للفدان ستبلغ 4 أطنان وأن هذا الانخفاض سيؤدى إلى زيادة كميات الأقماح المستوردة بواقع 1.2 مليون طن سيتم إضافتها إلى جملة ما يتم استيراده سنويا، أى أن مصر ستستورد أكثر من 9 ملايين طن ولم تلتفت أو تنتبه الحكومة إلى التقرير، العقول موجودة والخبرات العلمية أيضا موجودة والخطط موضوعة من أجل زيادة الإنتاج من القمح ومحاصيل الحبوب الأخرى وتقليل الاعتماد على الخارج لكن الحكومة الحالية لا ترغب فى وجع الدماغ وفى وضع خطط وإستراتيجيات لحماية مصر من المجاعة وامتلاك قوتها وبالتالى امتلاك قرارها وصون حريتها.
لا بد من العودة إلى الفلاح ودعمه وتوفير عمولات وأموال الاستيراد من الخارج للتوسع فى زراعة القمح للاكتفاء ذاتيا مثلما فعلت دول لديها حكومات وطنية مخلصة تعمل من أجل صالح شعوبها مثل الهند.
حرام عليكم كفاية ..جوعتونا