هل مازالت صحافة التعبئة موجودة؟
الحقيقة نعم، بل وبنسبة كبيرة.. ولكن ما معنى صحافة الحشد والتعبئة؟
هى التى تتعامل مع القارئ باعتباره مفعولاً به، ليس له أى حقوق، بل دوره فقط هو أن يتلقى ما تكتبه الصحيفة وينفعل به ويمشى وراء سياستها التحريرية كالأعمى، إنها الصحافة التى تتعامل مع المصريين باعتبارهم قطيع، يتم حشو رؤوسهم بما يتصوره هؤلاء الزملاء الحق ولا شىء غير الحق.
ربما المثال الأكثر فجاجة على صحافة الحشد والتعبئة هو الملحق الذى نشره الأستاذ صلاح عيسى رئيس تحرير جريدة القاهرة منذ عدة سنوات، للصفحات الأولى من الصحف التى صدرت قبل وبعد هزيمة يونيو 1967، لن تجد فيها كلمة هزيمة مع أنها هزيمة فعلاً، لن تجد أخبارا عما يحدث على الجبهة أو حتى فى الداخل من غضب ومظاهرات وأسئلة حائرة، ستجد فقط ما أراد النظام الحاكم ورجاله وقتها أن يحفظه الناس، وبالرغم من كل ذلك لم تنجح هذه الصحافة التى كان على رأسها كبار مثل الأساتذة هيكل وفتحى غانم ومحمد التابعى فى إخفاء العورات.
ما نراه الآن على الساحة الصحفية شىء قريب من ذلك، يعنى إذا كانت هناك أخبار مثلاً لصالح فتح وضد حماس لن تجدها فى بعض الصحف، والعكس إذا كانت هناك أخبار لصالح حماس وضد فتح لن تجدها فى صحف أخرى، وبالمثل إيران، فالانتهاكات الفاضحة لحرية الرأى والتعبير وحقوق الإنسان لن تجدها فى الصحف التى تسمى نفسها معارضة، وربما تجدها فى بعض الصحف القومية، إنه التزوير السياسى الذى يسحق بأحذيته حق القارئ فى الإخبار أى المعرفة.. وهو ما ينطبق بالتمام والكمال على الموقف من النظام الحاكم.
هل هذا يعنى ألا توجد سياسة تحريرية لأى صحيفة؟
بالطبع لا، نحترم السياسة التحريرية ونضعها على رأسنا بشرط ألا تنتهك حق القارئ فى المعرفة، وبعد ذلك ليست هناك مشكلة فى أن تكون هناك آراء وتحليلات منحازة، ولكن حتى فى هذه الحالة هناك انتهاك لحق القارئ فى معرفة كل الآراء والتحليلات.
ما أقصده بجملة واحدة لقد فشلت صحافة التعبئة التى تقوم بها معظم الصحف المنحازة للنظام الحاكم، وفشلت معظم الصحف المنحازة ضد النظام، كلاهما فشل فى التواصل مع الناس بشكل جيد.. ألا يدعونا هذا إلى أن ننحاز للقارئ وحده؟!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة