لو كان الأمر بيدى لوزعت هذا الكتيب الصغير على كل المصريين، فهو يتناول آلية غائبة عن بلدنا لحمايتها من الفساد، بل يمكن القول إن الرأى العام لم يلتفت لها بشكل كاف، لمحاربة هذا الوحش الذى ينهش فى لحم البلد.
الكتيب أصدرته المجموعة المتحدة برئاسة صديقى الكبير نجاد البرعى المحامى، وهو تفريغ لوقائع ندوة كان عنوانها "حماية الشهود والمبلغين فى قضايا إهدار المال العام"، والتى انعقدت يوم 8 يونيو الماضى، وذلك فى إطار مشروع أكبر هو "نحو أنشطة مجتمعية لتعزيز الشفافية".
الندوة المهمة قدمت ثلاث أوراق فى غاية الأهمية أولها للمستشار هشام رءوف رئيس محكمة الاستئناف بطنطا، والثانية للمحامى البارز حمدى الأسيوطى، والثالثة للمحامى عبد الحميد سالم، وكلها ترصد مفارقة مؤلمة وهى أنه رغم تصديق الدولة المصرية على الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد ونشرها فى الجريدة الرسمية، حسب تأكيد البرعى، إلا أن السلطة الحاكمة لم تعدل التشريعات التى توفر آليات آمنة لمكافحة حقيقية. فالقانون المصرى، كما جاء فى الأوراق البحثية الثلاث، لا يوفر أى حماية من أى نوع للشهود والمبلغين عن قضايا فساد، وهو ما يعرضهم للعقاب من مافيا الفساد. وناشد كل المشاركين فى هذه الندوة المهمة أعضاء مجلسى الشعب والشورى والنخبة السياسية، بضرورة لعب دور مهم فى حماية هذه الآلية فى محاربة الفساد.
الكتيب المهم لم يكتف بهذه الأوراق، بل فتح الباب أمام مناقشات ثرية لقضاة وشخصيات عامة وصحفيين، بالإضافة إلى شهادات حية قدمها أربعة شهود ومبلغين فى قضايا هزت الرأى العام وكان شريكا مباشرا فيها، ومع ذلك فلم يحمهم أحد من البطش والتنكيل والإيذاء. منهم المهندس يحيى حسين الذى رفض بيع شركة عمر أفندى "برخص التراب"، وقدم بلاغا للنائب العام، بعدما أبلغ رؤساءه ولم يفعلوا شيئا، بل وهم الذين نكلوا به فيما بعد. ومن المبلغين أيضا رجل الأعمال المعروف عبد الله سعد صاحب مزارع الريف الأوروبى، والذى كان قد أبلغ عن رشوة طلبوها منه فى وزارة الزراعة وتعرض لبطش رهيب رغم مناشداته المنشورة فى الصحف للرئيس وكل المسئولين.
بالطبع فهذا التنكيل الرهيب للمبلغين والشهود يجعل الفساد يتغول فى لحمنا أكثر، ولذلك فوجود قانون لحمايتهم، هو الوسيلة الفعالة لمحاربته، ولذلك دعونا جميعا لا نتوقف عن المطالبة به والضغط بكل قوتنا للوصول إليه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة