فكرت كثيرا فى صحة نشر أخبار وفيديوهات الأسلمة والتنصير، فهل من حقنا كصحفيين حجبها، وهل حجبها كما يقول بعض الزملاء للصالح العام، لأن النشر فى رأيهم يزيد الاحتقان الطائفى، وعدم النشر يخفف من وطأة أحداث فى النهاية فردية؟
الحقيقة أن هذا الرأى له وجاهته، وهو ينطلق من أن النشر مسئولية، بمعنى أن الصحفيين عندهم مسئولية اجتماعية وميثاق شرف يحدد لهم نشر ما يفيد الناس وحجب ما يضرهم. وبالتالى فالصحافة (مطبوعة ومرئية ومسموعة) ليس فقط دورها نقل الأخبار، ولكن غربلتها، بالحجب أو بتوجيهها فيما ينفع الناس.
لكن المشكلة أن هذا الحجب يحرم المواطنين من حق أساسى كفله الدستور المصرى والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، والتى تقدس الحق فى المعرفة، بل ولا يمكن أن تكون هناك حرية رأى وتعبير وتنظيم لأى مواطن دون هذا الحق فى المعرفة. ومن ثم فهو يشكل الأساس الصلب للحريات بشكل عام. فبدون حصول الناس على الأخبار لا يمكنهم تغيير واقعهم بشكل سلمى ديمقراطى، ولذلك فكل الدول الديمقراطية لديها قانون ملزم للحكومة وغيرها بحق الناس فى الحصول على المعلومات، أى من المستحيل التطور دون المعرفة.
لذلك أنا مع نشر أخبار الأسلمة والتنصير، فالصحافة (مطبوعة ومرئية ومسموعة) لا تخترع الأحداث ولا الوقائع، ولكنها تنقلها، وناقل الكُفر ليس بكافر، وبالتالى فالمجتمع هو المسئول الأول عما يحدث فيه، وهو المسئول عن مداواة جروحه وتطهيرها. ومسئولية الصحافة تقف عند حدود الأخلاقيات المتعارف عليها، وهى المصداقية وعدم الانحياز لطرف ضد الآخر، وعدم الإساءة للأديان والعقائد، وغيرها من الحدود التى يحكمها القانون والدستور وحقوق الإنسان، ومعهم ميثاق الشرف الصحفى.
فالأسلمة والتنصير موجودان طوال الوقت، وهذه المعارك موجودة طوال الوقت، بل وتكفير كل طرف للآخر موجود طوال الوقت، وكل ما فعله الصحفيون هو أنهم أخرجوا هذه الجروح لشمس الحرية والنقاش العام. فدفنها طوال سنوات لا حصر لها، جعلها تتعفن وتتقيح، ويفاجئنا انفجار هنا أو هناك. ونشرها سيساعد فى استقرار الوجدان والعقل العام تدريجيا على حق كل إنسان فى أن يعتنق ما يشاء من أديان وأفكار، فالحرية هى العلاج الوحيد لأمراض الحرية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة