سعيد شعيب

لطف عَمان

السبت، 25 سبتمبر 2010 12:18 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
توقعت أن يتغير انطباعى عن مدينة عَمان بعد مرور 22 عاماً على زيارتى الأولى لها، ولكنه ظل كما هو، كل ما فى الأمر أن المدينة كبرت وزادت اتساعا، حركة عمران هائلة، المزيد والمزيد من الأنفاق والكبارى والطرق، وهذا طبيعى بعد مرور كل هذا الزمن.

لكن ظل انطباعى الأول كما هو، فهذه المدينة الجميلة تبدو دائما وكأنها صحت للتو من نومها، طازجة وعفية وحانية، توزع الشمس والهواء على سكانها بالعدل. والسبب طبيعتها الجبلية، فالمنزل تدخله من شارع، وتخرج من دوره الخامس من شارع آخر، فهم يبنون بيوتهم فى حضن جبال متعرجة هبوطا وصعودا. فلا يوجد من بين الجبال من يشكل سدا مرتفعا يحجب عن ما هو خلفه أى شىء، ولهذا كان طبيعيا أن تنال البيوت وبغض النظر عن مستواها الاجتماعى قسطاً عادلاً من الهواء والشمس.

هذه هى الطبيعة تمنح من تشاء ما تشاء، ولكن لا أظن أنها وحدها الذى منح هذا اللطف لعَمان، ولكنهم أيضا البشر، فهناك حرص شديد على منح البيوت طابعا متقاربا، بتغليف معظم بيوتها بالأحجار، وهذا يجعلها وكأنها منحوتة مما حولها. أضف على ذلك الاهتمام الشديد بالطرق، وأرجو أن تتخيل صعوبة الأمر فى جبل متعرج صعودا وهبوطا، وأحيانا ما يكون هذا الصعود أو الهبوط يقترب من زاوية قائمة، أى 90 درجة. وأيضا كثرة الطرق، ولك أن تتخيل رصف طريق صعودا وهبوطا من أجل عدد قليل من البيوت، لأن هذه هى المساحة المسطحة التى منحها لهم الجبل.

ورغم توفير الشمس والهواء بالعدل، فهناك اهتمام استثنائى بالتشجير، الحكومة تترك مساحات معقولة لغابات من الأشجار، بالإضافة إلى ما يزرعونه على جنبات كل الطرق الطرق. والمواطنون يزرعون أيضا أمام بيوتهم وفى حدائقهم الصغيرة، إنه اتفاق عام على أن الشجر يمنح الحياة فى طبيعة صحراوية.

كما أن أهل عَمان يتعاملون بسهولة وسلاسة وبلا تعقيدات، يمنحونك لطفاً يزيد مدينتهم بهاءً. ربما هذا ما جعل دولة الأردن الصغيرة بمواردها المحدودة، فهى لا تملك بترولا ولا أنهارا، يحظى أهلها بمستوى معيشى معقول، وأظنه سوف يحقق مزيدا من النمو بلا صخب أو ضجيج.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة