40 عاما من الغياب ولازال هو الأكثر حضورا فى حياة المصريين، 40 عاما ومازال هو الزعيم والقائد الحاضر الذى لا تغيب شمسه أو يمضى نوره ووهجه.
كثيرون مروا وحكموا هذا الوطن ولكن قليلون هم الذين تركوا أعمالا وآثارا تدل على عظمة من مروا عليه وحكموه فالكل سيمضى وسيضمه القبر وسينال كل واحد حجمه الحقيقى بعد سنة أو 10 سنوات أو 40 سنة أو حتى بعد ألف سنة.
40 عاما على الغياب ومازال جمال عبدالناصر الزعيم الرمز والعلامة المضيئة فى تاريخ وطنه وأمته..علامة لم يسبقه إليها رئيس أو حاكم آخر رغم محاولات التزييف والتشويه الحاقدة لتاريخه وإنجازاته وشخصه والتى لم تزده رغم رحيله إلا حضورا ورسوخا أكثر فى وجدان وذاكرة ملايين الفقراء والمستضعفين يترحمون على أيامه ويدعون له بالرحمة والمغفرة فى كل محنة وأزمة.
رغم الغياب مازال العالم فى كل مرة يختاره واحدا من أهم زعماء القرن العشرين تأثيرا وبدأت كتابات كثيرة فى الغرب تعيد اكتشافه وتعيد تذكير أجيال كثيرة من بعده بحياته ومآثره.
نترحم عليه فى مصائب كثيرة ألمت بمصر فى الداخل والخارج، فى مصائب ومحن ملايين المصريين الفقراء الذين عاش وضحى من أجلهم ليكونوا هم أصحاب الوطن الحقيقيين وليس لصوص ثرواته من خفافيش سنوات الظلام من بعده.
مازال جمال هو حبيب الملايين فى مصر والوطن العربى والعالم الثالث رغم غيظ الحاقدين فهو الباقى فى التاريخ بأعماله العظيمة وغيره زائلون بأفعالهم الصغيرة والمشينة رغم مرور السنين، تركها لهم تبنى بسواعد أبنائها وتنهض على أكتافهم وتقود بفكر زعيمها وبالتفاف الملايين من حوله، فحصدت مصر ما زرعته فى الداخل من سد عالى ومصانع ومساكن ومدارس وجامعات ومشاريع ضخمة استوعبت أحلام ملايين المصريين فى عيشة كريمة ومستقبل آمن، وفى الخارج فى أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية التى مازالت تحتفى به فى ميادينها وشوارعها وتطلق اسمه على أبنائها ويأتى زعماؤها ليتذكروا أيام نضالهم فى قاهرة التحرر وكيف كانت قبلة لهم فأعطوها وساندوها ومنحوها القيادة، وكيف أصبحت فتخلوا عنها وتحالفوا مع أعدائها وهددوها فى أعز ما تملك.. ماء النيلإن مشهد الجموع الهادرة بالملايين التى شيعت جمال عبدالناصر إلى مثواه الأخير- والذى شاهده الناس فى برنامج العاشرة مساء يوم السبت الماضى- مازال يهز الوجدان، فهذه الجماهير لم تكن تشارك فى جنازته فقط، لكنها كانت فى الحقيقة تسعى إلى الاتصال بالزعيم والأمل والملهم الذى كانت صورته هى التجسيد المطلق لوجودها ذاته، الصورة التى أصبحت ترمز إلى الإحساس بالكرامة.
وكما قال الكاتب الإنجليزى الكبير «جون جونتر» ذات يوم«إن مصدر قوة عبدالناصر الرئيسى هو أنه يرمز إلى تحرير وتقدم الجماهير، فقد أعطى شعبه ما لم يكن يملكه هذا الشعب من قبل وهو: الأمل».
تحية إلى روح جمال عبدالناصر فى ذكرى حضوره الأربعين..!