المصريون لا يعرفون الطلاق المحترم

الخميس، 30 سبتمبر 2010 09:24 م
المصريون لا يعرفون الطلاق المحترم
أكرم سامى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ 250 ألف قضية انفصال سنوياً و5 ملايين قضية مؤجلة و40 ألف حالة خلع وثقافة الانفصال فى إجازة

250 ألف سيدة يلجأن للمحاكم سنويا للحصول على الطلاق.. و5 ملايين قضية طلاق مؤجلة و40 ألف حالة خلع.. أرقام كشف عنها الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء ربما تكون صادمة للبعض، وربما يراها البعض الآخر معدلا طبيعيا، ولكنه خارج المعدلات الرقمية والنسب العددية تطرح هذه الأرقام تساؤلات أخرى حول ثقافة الانفصال فى مصر، ولماذا يرتبط الطلاق بالمحاكم والمشكلات؟ وما هى أسباب عدم انتشار ثقافة الانفصال أو الطلاق أو التخارج السلمى بين المصريين؟

عينات من صاحبات قضايا طلاق فى المحاكم أوردن فى شهادتهن لـ«اليوم السابع» طبيعة الخلافات التى دفعتهن للجوء للطلاق عن طريق المحاكم والتى ربما تحمل ضمنياً تفسيرا لارتباط الطلاق بالمشاكل، وهو ما يعلق عليه علماء دين واجتماع.

من محكمة الأسرة بمصر الجديدة قابلنا العديد من النماذج من السيدات ولديهن الكثير من القضايا التى لا تنتهى فى المحاكم، تقول أمينة المهدى، 35 سنة، ربة منزل: متزوجة من 17 سنة وكان زوجى عطوفا جدا علىّ ولكن بعدما أنجبنا طفلنا الرابع تغير معى كثيرا وأصبح كثير التهديد بالطلاق ولقد تحملت منه كثيرا من الإهانات والضرب، ولكن الآن لم أستطع تحمله ولا أفكر فى الصلح مطلقا.

رؤية عاصم، 29 سنة، تعمل مدرسة رياضيات بإحدى المدارس الابتدائية: تزوجت وأنا عندى 18 سنة وزوجى صمم على أن أكمل تعليمى وكان هذا الجانب الإيجابى فى شخصيته، ولكن عندما اشتغلت امتنع عن الإنفاق على البيت والأولاد، ورغم ذلك تحملت، ولكن من شهر فجأة طلقنى وحجته الوحيدة هى أنى غير ملتزمة فى ملابسى دون أن ينبهنى لذلك واكتشفت بعدها أنها كانت حجة لكى يتزوج من أخرى.

سماح إبراهيم، 25 سنة، لا تعمل: تزوجت من سنة ونصف، بعد شهر من زواجى تغير كل شىء، المعاملة والكلام، ووعده لى، بالإضافة إلى الإهانة المستمرة أمام أخواته لذلك قررت أن أقيم دعوى خلع، وعندى استعداد أن أعطيه كل شىء وزيادة ويطلقنى.

الدكتورة هدى زكريا أستاذ علم الاجتماع بجامعة الزقازيق قالت «لا يوجد ما يسمى طلاقا محترما، وثقافة المجتمع تؤكد عدم انتشار مفهوم الطلاق المحترم، فمثلا حين كنت فى أمريكا نجد هذا المفهوم منتشرا بشكل مكثف ويعتبر مرحلة متطورة من أى زواج، ويمكن أن تجد زوجين ينفصلان بسبب عدم وجود انسجام بينهما فقط، أو عدم التوافق بينهما، فإذا جئنا لمجتمعنا وحاولنا تطبيق هذا المفهوم نجده لا يتوافق مع مجتمعنا».

تضيف دكتورة هدى: «الزوج فى مصر يتحول لعدو لزوجته فى حالة الانفصال، فمثلا حين ينفصل أى زوج عن زوجته يترك لها الأولاد، فإذا علم أنها تزوجت من شخص آخر على الفور يطالب بضم الأولاد ليس حفاظا عليهم ولكن تنكيلا بزوجته وكيدها، فهذه الثقافة توطدت لدينا منذ السنوات الماضية وثبتت لدينا، فلا يخاف الزوج نهائيا على مصالح أولاده، فيأخذ الزوج أولاده من زوجته وبعد أن كان أولاده فى مدرسة محترمة ويعيشون عيشة محترمة، يضعهم فى مدرسة حقيرة ويفرض عليهم عيشة متدنية، وكل ذلك من أجل التنكيل بزوجته، وهنا يدفع الأولاد ضريبة الطلاق».

الدكتور رشاد عبداللطيف أستاذ تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية جامعه حلوان، يرى أن من أهم أسباب انتشار حالات الطلاق والخلع بهذه الصورة هى أن غالبية حالات الزواج حاليا قائمة على أسباب خاصة بكل طرف، وليس على أساس الحب والمودة.. وما يحدث أن الاختيار يكون قائما على أساس الحصول على مال أو إعجاب الشاب بشكل الفتاة من الخارج دون النظر إلى ما بداخلها، وعند أقرب مشكلة بينهما يقررا الانفصال.

ويرى أيضا أن من أهم الأسباب التى تشكل النسبة الأكبر فى حالات الطلاق والخلع هى الأنانية، فكل من الزوجين يريد تحقيق ذاته دون الآخر فتحدث الخلافات التى لا تنتهى.
وينتقل الدكتور رشاد عبداللطيف إلى الآثار السلبية المترتبة على العلاقات الزوجية غير السوية، منها تزايد أطفال الشوارع لعدم وجود الأب والأم لرعايتهم، وقلة الإنتاج فى العمل نتيجة للمعاناة النفسية التى يعانى منها الزوجان نتيجة خلافاتهما الدائمة، بالإضافة إلى كثرة حالات القتل بين الزوجين والمنتشرة بصورة كبيرة الآن، وارتفاع نسب حالات الانحراف من خيانة زوجية أو رشوة، وكلها نتائج متوقعة لأسرة مفككة أو علاقة غير سوية بين الزوج والزوجة.

سهام نجم، رئيس جمعية المرأة والمجتمع أرجعت سبب ارتباط الطلاق فى مصر بالمشكلات والعنف والتشابك، إلى ارتباط طبيعة الثقافة المجتمعية بأفكارنا الشخصية، وسيادة مفهوم الشخص الذى أختلف معه أصبح ضده، وينتقل صاحب هذا المفهوم لدرجة أعلى وهى الشخص الذى أختلف معه أصبح عدوه بل أحاربه، تضيف سهام قائلة «هذه التقاليد تظهر بشدة فى المجتمعات التى انهارت فيها الثقافة العامة بشكل عام والأخلاق بشكل خاص، فحين يحدث خلل فى أى منظومة فبالتأكيد تقع وتحدث بعدها مضاعفات شديدة تنهى حياتها، ففكرة الثقافة الأحادية مسيطرة على الشعب المصرى بشكل لا يوصف، فإذا حدثت أى مشكلة طفيفة على الفور نجد نزاعات ومشاجرات بسبب شىء بسيط لا يستدعى كل ذلك، ولكى نعمم ثقافة الاختلاف التى تؤدى إلى فكرة الطلاق المحترم، يجب أن ينهض المجتمع بأكمله ليجذب المواطنين تجاهه ويتعلمون ثقافة احترام الرأى والمناقشة والخروج من أى منازعة وجدال بشكل محترم يعود على الطرفين، فطوال إشرافى على جمعية المرأة لا تنتهى المشاكل إلا بالطلاق وبعدها ينفصل الزوجان ولا يعرفان بعضا بعدها مرة أخرى».

الشيخ رمضان عبدالمعز إمام المركز الإسلامى فى نيويورك يقول «المجتمع المصرى يعانى من عدم المعرفة الكاملة بكل ما يتعلق بالزواج والطلاق وضوابط كل منهما، فلابد من معرفة قدر من العلوم التى تصح به حياتهم، لقد وضع لنا الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم حدودا لارتباط الرجل بالمرأة طبقا للشريعة الإسلامية، فيقول رسولنا الكريم[: تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك. وهنا يؤكد رسولنا الكريم على الاهتمام باختيار المرأة ذات الدين أولا، ووضع أيضا للفتاة طريقة لاختيار زوجها، فنظرا إلى أن الدين ينظر إلى الفتاة المسلمة على أنها جوهرة غالية وأن والدها هو من يتولى أمرها فيقول رسول الله لوالدها [: إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير. ويرجع الشيخ رمضان السبب فى طوابير المحاكم وكثرة حالات الطلاق والخلع إلى عدم معرفة الطرفين لأساس الزواج، وكيفية اختيار كل منهما للآخر، وكيفية إنهاء عقد الزواج دون اللجوء إلى المحاكم.. بالإضافة إلى أن الشباب المقبلين على الزواج غير مؤهلين نفسيا وصحيا واجتماعيا واقتصاديا وإيمانيا، بالإضافة إلى عدم التزامهم بنصائح رسولنا الكريم.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة