على مدى الأيام الماضية تواصلت المظاهرات المطالبة بظهور كاميليا شحاتة زوجة تداوس سمعان كاهن دير مواس. بدأت المظاهرات بعد صلاة التراويح بجامع عمرو بن العاص ثم امتدت لتشمل جامع الفتح برمسيس ومسجد النور بالعباسية، وأخذت النار تكبر فخرجت مظاهرات تحمل نفس المطالب من مساجد الجمعيات الشرعية بالمحافظات.
المتظاهرون يتهمون الكنيسة بإخفاء كاميليا فى أحد الأديرة رغما عنها بعد إعلانها الإسلام، ويطلبون ظهورها على أى قناة تلفزيونية وإعلانها موقفها الدينى.. هل مازالت على عقيدتها المسيحية أم أشهرت إسلامها، ويتحدث المتكلمون من المتظاهرين عن شيوع حالة من استقواء الكنيسة على سلطة الدولة، ويربطون مباشرة بين احتجاب وفاء قسطنطين زوجة كاهن أبو المطامير التى أثار إشهارها الإسلام وتراجعها عنه واحتجازها فى دير وادى النطرون أزمة كبيرة، وبين غياب كاميليا شحاتة، ويدللون على ما يقولون ، بعدم استجابة الكنيسة لسنوات لمطالب الأغلبية المسلمة بإظهار وفاء قسطنطين، لمجرد إثبات بقائها على قيد الحياة ودرءا لشائعات تعذيبها أو قتلها.
من ناحيتها تتجاهل الكنيسة وقياداتها المظاهرات المطالبة بظهور كاميليا مثلما تجاهلت سابقتها المطالبة بإظهار وفاء قسطنطين، وترى فى ذلك تدخلا من البعض فى ولايتها على رعاياها، كما يرى عدد من المقربين من الكنيسة أن وفاء قسطنطين شرعت فى إعلان إسلامها بسبب من تعنت زوجها وشكه الدائم فيها لمرضه، وأنها ما فكرت فى اعتناق الإسلام إلا لتتخلص من عشرته وعندما استمعت للجنة النصح قبل إعلان إسلامها مباشرة ، وتأكدت من حل مشكلتها تراجعت عن إشهار إسلامها وتقضى أيامها حاليا ،بعيدة عن زوجها كما أرادت.
أما كاميليا شحاتة وحسب المقربين من الكنيسة فلم تعلن إسلامها، ولم يثبت ذلك فى أوراق رسمية وما أثير بشأنها لا يتجاوز حقيقة أن خلافات عائلية حكمت تصرفاتها ودفعتها إلى ترك بيتها واللجوء لإحدى قريباتها بالقاهرة قبل أن يتدخل الآباء الكهنة ويزيلون هذه الخلافات ، لكن احتجابهما عن الظهور أى وفاء أو كاميليا أمر يخص الكنيسة ورعاياها، ولا يخص عموم المسلمين.
لكن المسألة لها جانب آخر، بعيدا عن المظاهرات المطالبة بظهور وفاء وكاميليا ، وتفسيرات الكنيسة والمقربين منها، أن القضايا التى تتخذ صفة القضايا العامة أصلا أو انتسابا ، كأن تشغل عموم الناس وتثير تساؤلاتهم وهواجسهم ، أو تستثير حفيظتهم للتظاهر والثورة ، هى شأن لابد وأن تتصدى الحكومة لمعالجته لإطفاء النار التى من الممكن أن تشعل فتنة لا يتحملها المجتمع .
أيضا لا يصح بأى حال من الأحوال ونحن ننادى بالحقوق الدستورية المتساوية لجميع المصريين دون تفرقة على أساس النوع أو العقيدة أو العرق، ونحن نطالب فى ظل هذا المبدأ الدستورى الناصع بالمساواة فى تقلد المناصب العليا للنساء والأقباط ، وإزالة أى عقبات استثنائية تحرم مصريا من منصب رئيس الجمهورية ، لا يصح فى هذا السياق أن تنعقد ولاية الأقباط للكنيسة أو أن تنعقد ولاية المسلمين للأزهر ، الولاية للمواطنين أيا كان دينهم للدولة وممثليها بحكم القانون، وهذا المبدأ لابد أن يكون واضحا وناصعا لدى الجميع وعدم وضوحه هو سبب تصور البعض أن الكنيسة تستقوى على الدولة وتحاول استلاب حق الولاية على المواطنين الأقباط.
ما يعزز هاجس استقواء الكنيسة، سعى الأجهزة المعنية فى بعض الأحيان إلى حل القضايا الشائكة وفق مواءمات سياسية وعرفية، درءا لفتنة أو دفعا لاضطاد ، أو لطمأنة غير المطمئنين ، وهذا ما حدث تحديدا مع وفاء قسطنطين عندما سلمتها أجهزة الأمن للكنيسة على أن تتعهد قيادات الكنيسة بالفصل بينها وبين زوجها، إلا أن تكرار الأمر مع كاميليا أوجد حالة من التذمر لابد من فضها، ليس بمنع المظاهرات أو فضها بالقوة، وإنما بظهور كاميليا ووفاء لإعلان موقفهما الدينى دون إملاء أو إجبار من أحد ، بعد أن أصبح إعلان موقفيهما الدينى مطلبا جماهيريا عاما.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة