«لم يكتب الوزير كمال الشاذلى أى مذكرات على الإطلاق كما يشيع البعض».
هكذا حسم الدكتور محمود عمارة فى مقال مميز له كعادته فى الزميلة «المصرى اليوم» قبل أسابيع، وقال ذلك من موقع صداقة جمعته بالراحل الكبير وأسرته، فهما من بلدة واحدة هى الباجور، كما تربطهما صلة قرابة، وبحكم ذلك كان عمارة كما ذكر فى مقالين متتاليين طرفا فى حوارات كثيرة مع الشاذلى، تحتوى على أسرار كبيرة، أفضى بها الراحل الكبير لعمارة، أهمها على الإطلاق أن الشاذلى كان متحيزاً وإلى حد كبير للتوريث، لأنه وحسب وجهة نظره هو السيناريو الأقل تكلفة، بدلاً من أن يقفز أحد الطامعين لبيع مصر فى مهب الريح.
وربط عمارة بين ما حدث من مهازل فى انتخابات مجلس الشعب، وبين رؤية الشاذلى، مفسراً الكثير مما قاله له، وتابع فى حلقتين ما ذكره الشاذلى وبخاصة القنبلة التى ذكرها له: «إذا لم يأت جمال أو أحمد شفيق بعد الرئيس مبارك، فمن يمتلك 7 مليارات جنيه سوف يحتل الكرسى الكبير».
وبعد وعد من محمود عمارة باستكمال حواراته مع الشاذلى، والتى كانت ستشمل الكشف عن أسرار كثيرة من رجل كان فى قلب دهاليز السياسة المصرية لسنوات طويلة، شهدت فيها مصر تحولات من نظام سياسى إلى آخر، وكان الشاذلى شاهداً عليها، نقول بعد هذا الوعد، اعتذر عمارة عن الاستكمال، مشيراً إلى أنها تلبية لرغبة أسرة الراحل، غير أن عمارة قال: «من الواضح أن هناك ضوءا أحمر من جهة ما».
توقف عمارة عن استكمال ما بدأه، وفتح الباب لأسئلة كثيرة، أبرزها أن هناك تخوفات من الكشف عن أسرار سياسية كانت تدور فى كواليس السلطة، تخص شخصيات مازالت تلعب دورها على المسرح السياسى، وأهمها على الإطلاق مادرج على تسميته بـ«الحرس الجديد» فى الحزب الوطنى، وإذا كانت أسرة الشاذلى ترى أنه ليس من الضرورى الحديث بشأنها، كما عبر عن ذلك عمارة، فإنهم بذلك ومع التقدير لرأيهم قد حجبوا كثيراً من الأشياء التى تبصر المصريين بالحقائق التى قد تفيدهم وهم ينظرون إلى مستقبلهم، وهنا يأتى السؤال إلى الدكتور محمود عمارة نفسه، ماهو مصير المادة الثرية التى بحوزته؟، هل سيتم تأجيلها لوقت لاحق فيه ظروف غير التى نحن فيها؟ أم أنها ستبقى طى الكتمان إلى الأبد؟.
والحقيقة أن هذا الموقف ينقلنا إلى أبعاد أخرى، تتمثل فى كل الشخصيات التى لعبت دوراً سياسياً هاماً، وبعد خروجها من الملعب السياسى ترفض تدوين مذكراتها، وفعل ذلك زكريا محيى الدين، أحد أهم شخصيات ثورة يوليو 1952، والدكتور كمال الجنزورى رئيس الوزراء الأسبق الذى خرج من منصبه بطريقة درامية ستبقى لغزاً كبيراً حتى يفك هو طلاسمه، وأخيرا يأتى كمال الشاذلى الذى يؤكد عمارة أن الراحل لم يطالبه بعدم ذكر ما قاله له، بل إن كثرة المعلومات التى أفضى بها إليه بدت وكأنه يوصيه بذكرها، لعلنا نستفيد منها.. فلماذا التوقف؟.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة