سألنى أحد المشاركين فى وقفة الشموع التى نظمها الأدباء والفنانون ـ وأجهضها الأمن فى ميدان سليمان باشا الأسبوع الماضى هم خايفين من إيه ؟، كان الرجل «السبعينى» قادما من بيته حاملا أطول شمعة فى الميدان، ويلبس بدلة سوداء ورابطة عنق سوداء، ويشير وهو يحدثنى إلى الأعداد الكبيرة لقوات الأمن مندهشا « هم خايفين من حزننا على اللى ماتوا؟»، تأملت ملامحه الطيبة، ولحيته البيضاء المهذبة، وعلامة الصلاة على جبهته، ولم أجد إجابة، ولكنى شعرت بفرح حقيقى جعلنى أنسى غضبى الذى حاصره الجنود، واقتربت مع الرجل إلى ضابط كبيريحمل جهازا لاسلكيا وقلت له هذا الرجل الجميل يسألنى: انتو خايفين من إيه؟، أجاب الضابط بحسم وغضب »عليكم، واستطرد «من دخول عناصر مخربة... وبعدين عندنا تعليمات.. فهمت! قال له الرجل «أنا لا أديب ولا فنان .. وقبل أن يكمل كلامه انصرف الضابط، فى الوقت الذى كانت حشود الجنود قد فصلت الناس إلى فريقين، وحددت مسارات للخروج، وكانت هناك وظيفة لبعض رجال الشرطة، هى إطفاء الشموع بأنفسهم، بعد ساعة أو يزيد، قابلت الرجل البشوش فى شارع هدى شعراوى حاملا شمعته الكبيرة المطفأة، ونظر إلى وإليها .. وابتسم
ـ اذا كان هناك شىء إيجابى فى كارثة كنيسة القديسين فى الإسكندرية، فهو إحساس الجميع بالخطر، وأيضا تظاهر الأقباط والتعبير عن مشاعرهم بصوت عال، ومشاركة الغالبية العظمى من المسلمين الأحزان، بعيدا عن الحزن الرسمى ، الذى كان رسميا أكثر من اللازم، وتفهم الدولة للغضب كان معقولا، ولكن هل يعقل أن يتم الإفراج عن مسيحيين غاضبين فى شبرا، ولا يتم الإفراج عن ناشطين مسلمين حزانى مثلهم ؟!
«المستفيدون المحتملون من التفجيرات ليسوا كثيرين : إسرائيل واحدة منهم، لأنه مما يساعدها على تحقيق أهدافها تشويه سمعة الإسلام والمسلمين، ثم المزيد من هذا التشويه، وأصدقاء إسرائيل فى مصر مستفيدون محتملون آخرون، إذ إن تحقيق الأهداف الإسرائيلية يضمن لهم الاحتفاظ بنفوذهم، فضلا عن أن مثل هذه الجريمة وتكرارها يساعد على إظهارهم بمظهر المدافعين عن الأقباط، والإدارة الأمريكية مستفيد آخر محتمل، لأنها تعمل على تحقيق الأهداف الإسرائيلية وأهداف أصدقاء إسرائيل فى مصر»، هذا كلام كتبه الدكتور جلال أمين فى الشروق، ولا شك فى أن إسرائيل يهمها إحداث فتنة بين المسلمين والمسيحيين الذين يكرهونها معا وحاربوها معا، ولكن من هم أصدقائها أصحاب النفوذ الذين سيكونون سعداء بما حدث، ولماذا لا يشير المفكر الكبير إليهم ، فى هذا التوقيت الذى يسمح بذلك؟ ولأنه يرفض التسليم الجاهز بأن المسؤول عن جريمة الإسكندرية هو التعصب الدينى؟
اعتبرت صحيفة «وول ستريت جورنال» اتهام بعض المصريين لإسرائيل بشأن تفجيرات الإسكندرية، بأنه استنتاج محبط، مؤكدة أن السلطة الحالية لا تشارك فى مثل هذه الهواجس، لأنها ذكية جدا، وتعرف أن إسرائيل تمثل شريكا قيما للغاية ضد الأعداء الآخرين، وأن النظام المصرى يدفع ثمنا سياسيا باهظا بالتحالف مع إسرائيل، كما فعل خلال حرب 2006 مع لبنان وحرب غزة فى 2009« ، ولا أعرف هل تشعر«القيادة المصرية الحالية« بالزهو وهى تقرأ هذا الكلام فى الوفد ، أم تشعر بالإهانة مثل القراء ... المصريين ؟ > >