يسرى الفخرانى

موسم التخفيضات والبيع لأقل سعر!

الخميس، 20 يناير 2011 10:40 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هذا موسم التخفيضات. أوكازيون. البيع لأقل سعر. اختصار الثمن على أمل التخلص من البضائع الراكدة وتنشيط لعبة التسويق!

ينتظر البعض هذا الموسم بمشروع يحمل حلم التقاط الأشياء المعروضة بأسعار لُقطة.
تخفيضات.. والتخفيضات تشمل السلع التى تستهلك، والمشاعر التى تنتحر كل صباح من القلب!

أوكازيون شامل. لكل مايباع ويشترى. الفاترينات والإعلانات تحمل نبوءة الخصومات الحاسمة التى تستبدل الراكد بالفلوس والمركون بالفيزا كارت!
زمان.. زمان فى طفولتى وطفولتكم كان الأوكازيون قصير العمر قليل الحيلة محدود المدة.. تباع فيه البقايا من كل الأشياء التى لم تجد من يدفع ثمنها فى عافيته. وكان هذا الأوكازيون المحدود يمتد إلى أوكازيون الأخلاق أو القيم أو المبادئ. كان سوق البيع غير معلن، وفيه الكثير من علامات الخجل وعلاقات الفروسية!

كان فيه دم! وكان هناك إنسان..
يمارس الخطأ فى سرية، فى ظلام، فى كتمان حتى لايشعر المتنازل بالكسوف من المجتمع الذى يعيش فيه. لم تكن نظرية الوقاحة والوجه المكشوف قد ظهرت وسادت بعد.
ثم تغيرت خريطة الحياة فى السنوات الأخيرة..
ظهر شبح دمر كل قيمة وكل قيم راسخة ومبادئ صلبة وأخلاق باقية من عصر النبلاء.. دمر البساطة والبسطاء وآخر ماتبقى من قلاع الخجل والبراءة!
شبح يحمل عالمه الجديد.. على طرف إصبعه!
لايعرف معنى للمشاعر والحب والرومانسية والأخلاق والوعود وكلمة الشرف ووردة بين اثنين على وشك الحلم.

لا يعرف سوى أن العالم يجب أن يكون سوبر ماركت كبيرا. هايبر يتسع لكل مايباع ومايشترى. لايعترف إلا بمن يطرح نفسه للبيع. وحياته للمساومة. وعلمه لأى سعر.
يسخر من معارضيه. يسطو على المبدعين والعشاق. يلتهم من يكتب قصة أو قصيدة. يمارس كل ألعابه السحرية من أجل فرض ثقافة الاستهلاك التى تحول الدم إلى فلوس والهواء إلى فلوس والأعياد إلى فلوس والضمير إلى فلوس!

حتى ابتسامة الأطفال لم تسلم من ثقافة البيع والشراء. جسد المرأة. شرف الرجل. الحلم والكابوس والكلمة والصبر والصدمة.

أصبح العالم.. فاترينة زجاج وأضواء نيون تحمل آخر أسعار التخفيضات الكبرى. وأصبح العام كله أوكازيون.. «موسم».. ملهما بثقافة ادفع واشترى وادفع واحصل على ماتريد مهما كان!
لكن.. فى نهاية كل المواسم. وفى نهاية كل انفلات أخلاقى.. يسقط الشبح عن جواده الخشبى وسيفه الورقى ويهشم ويتهمش. ويعلن وهو بين الموت والموت أن لاحياة إلا للأمل والعمل والإرادة.. وأن سوق الأوكازيون «جبر». فتعود الأخلاق تمحو لافتات التخفيضات من واجهات الأيام. وتعلن أن موسم البيع لأدنى سعر انتهى.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة