أكرم القصاص

مافيا الرئيس.. ورئيس المافيا

السبت، 22 يناير 2011 01:16 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التسلط يصنع الفساد أم أن الفساد هو الذى يصنع التسلط؟.. السؤال الذى تطرحه تونس، ويبدو مطروحاً بقوة داخل العديد من الأنظمة العربية التى تجمع الفساد مع التسلط فى بناء يشبه المافيا، أو هذا هو المافيا، ولا تعرف ما إذا كان الرئيس وعائلته هم الذين أقاموا المافيا فى تونس، أم أن المافيا هى التى سعت لهم، كل التقارير والأرقام عن علاقة الفساد بالسياسة تؤكد ذلك.

كانت عائلة الرئيس والعائلات المحيطة بها هى التى تسيطر على كل الأنشطة الاقتصادية، وفى نفس الوقت تسيطر على الحزب الحاكم والبرلمان وتختار الوزراء وتوجههم وتسيطر عليهم. ومع عائلة بن على بقيادة شقيقه منصف كانت عائلات زوجة الرئيس ليلى الطرابلسى وعائلات شيبوب والماطرى ومبروك وزروق، وغيرها وكلها عائلات متصاهرة ومتقاربة بما يشبه المافيا، وهذه العائلات الفاسدة راكمت ثروات طوال خمسة عشر عاماً وبعضها لم يكن له وجود فعلى فى الاقتصاد قبل حكم العائلة فى عهد بن على، وكانت تلك العائلات تسيطر على المال والأنشطة الرئيسية، كالبنوك والاتصالات والإنترنت والسياحة والعقارات والنقل والاستيراد والتصدير وتتحكم فى الغذاء والدواء والعلاج.

وبجانب هذه العائلات هناك عائلات وأفراد تحلقوا حول المافيا، وهم متجذرون فى الاقتصاد والمجتمع، ولهذا فإن التونسيين وهم يحاولون بناء نظام جديد على أنقاض نظام بن على، يواجهون صعوبة فى إزالة كل آثار المافيا فى البلاد، والتى تتصل ببعضها فى بنيان سفلى مترابط، وهو ما يفسر العصابات التى كانت تمارس القتل والنهب والتخريب فى أعقاب سقوط نظام بن على.

الرئيس السابق حكم 23 عاماً، لكن النظام القائم والحزب الحاكم مستمرون منذ عام 1956، وهى سنوات تكفى لتتكون طبقات من المستفيدين والمنتفعين ومراكز قوى ومصالح اقتصادية وسياسية، وإذا كان الرئيس وعائلته يسيطرون، أو كانوا يسيطرون، على الأوضاع فهناك عشرات الآلاف من الحيتان الكبيرة والصغيرة، وهؤلاء لن يفرطوا بسهولة فى مكتسبات تراكمت طوال عقود.

بعض التونسيين يريدون إنهاء وجود التجمع الدستورى الحاكم حتى يقطعوا علاقتهم بحزب ساهم فى دعم الفساد ومارسه، على أساس أن القضاء على الديكتاتورية أصعب من القضاء على الديكتاتور، خاصة أن هناك طاقم محترفى السياسة سارعوا بارتداء رداء الثورة وانضموا إلى صفوف الثوار، بينما هم كانوا حتى اللحظات الأخيرة يدافعون عن النظام البائد ويساعدون التسلط.

من هنا تأتى صعوبة الاختبار الذى يواجهه الشعب التونسى، الذى يخاف من سرقة الثورة، وهى مخاوف مشروعة جداً، لأن بناء نظام سياسى أصعب من هدم نظام قائم، وهذه الصعوبة يتخذها بعض المتسلطين حجة ليواصلوا تسلطهم تحت زعم الاستقرار، بينما هذا الاستقرار أقرب للموت الإكلينيكى.

لقد سقط رئيس المافيا فى تونس، لكن التونسيون يسعون إلى إنهاء وجود مافيا الرئيس.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة