تضارب فى التصريحات ما بين الرقابة على المصنفات الفنية، وغرفة صناعة السينما واتحاد النقابات الفنية، فيما يتعلق بعرض فيلم «اللعبة العادلة» فى مصر، وحالة من الارتباك أدت إلى تأجيل العرض الخاص للفيلم من الأسبوع الماضى إلى الأسبوع الحالى، والله وحده أعلم بما سوف يستجد من تطورات.
رئيس الرقابة اضطر إلى أن يرى الفيلم بنفسه ليقرر ما إذا كان سيعرض فى مصر من عدمه، خصوصاً بعد المكالمات الهاتفية التى تلقّاها من بعض الصحفيين والعاملين فى غرفة صناعة السينما يطالبونه بعدم إجازة عرض الفيلم، لأنه يروّج للتطبيع، لأن هناك ممثلة إسرائيلية تشارك بدور هامشى فى الفيلم، وهو الكلام الذى أدى إلى ارتباك الرقابة، ولكن الدكتور سيد خطاب عاد وأكد أهمية الفيلم، ودوره فى فضح أكاذيب إدارة الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش فيما يتعلق بوجود أسلحة دمار شامل فى العراق، وأسباب الحرب الأمريكية عليه.
سيد خطاب رجل احتكم إلى صوت العقل، وتعامل مع الأمور بمنطق، فالفيصل فى مثل هذه المسألة هو موضوع الفيلم وقضيته، ولكن كيف؟ وأين أصحاب العقول وسط من يصرخون ويروّجون ويتهمون الفيلم بالباطل وهؤلاء لسان حالهم يقول: «يانهار أسود هناك ممثلة إسرائيلية، إلحقى يا نقابة حاسبى يا رقابة امسكوا خالد النبوى.. ده مشارك فى الفيلم، حاكموه»، بالإضافة إلى أننا من الممكن أن نرى من يقول «اعدموه لأنه كان عليه أن يسأل عن جنسيات كل المشاركين فى العمل قبل قبوله وعليه أيضا أن يفتش فى ضمائرهم».. مشهد عبثى تتكرر تفاصيله دون أن يتعب أحد من هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم حماة الوطن دون غيرهم، لذلك يسارعون إلى رفع «يافطة» التطبيع فى وجه كل من يريدون إرهابه، دون أن يفكروا ولو للحظات بأن الأمور صارت أكثر تشابكا وتعقيدا مما كانت.
لذلك علينا أن نعيد التفكير مليا فى هذه الكلمة وحدودها، وما ينطبق عليه تطبيع أو مطبّع، لأنه بنفس منطق هؤلاء السادة عليهم- ومن باب أولى- أن يطالبوا بمنع عرض أفلام كبار نجوم ومخرجى هوليوود الداعمين للدولة الإسرائيلية، وبعضهم لا يكتفى بالتصريحات المؤيدة للدولة الصهيونية، بل يجمعون التبرعات لصالحها، ومن هؤلاء المخرج ستيفن سبيلبرج، والنجم مايكل دوجلاس، وسيلفستر ستالونى، وهاريسون فورد، وأسماء أخرى كثيرة.. ولماذا لا يكون هؤلاء السادة أكثر طموحا ويقاطعون السينما الأمريكية بأكملها، خصوصا أن أغلب رؤوس الأموال التى تعمل بها هى ليهود داعمين لإسرائيل؟!
والمفارقة أن فيلم «اللعبة العادلة» الذى يشهد كل هذه الحرب، فيلم مع العرب، ويدافع عن القضية العراقية، وبطله هو النجم شون بن، صاحب المواقف السياسية الداعمة للعرب، والذى زار العراق أكثر من مرة، وخرج فى مظاهرات ضد إدارة جورج بوش، أما الممثلة الإسرائيلية التى تشارك فى الفيلم فهى ليزار شارهى التى تجسد فى الفيلم دور فتاة عراقية من خلال 3 أو 4 مشاهد على أقصى تقدير، فهل نمنع فيلما عالميا يدافع عنا بسببها؟.. أى منطق فى هذا، إذن، كيف سيكون الوضع لو كان الفيلم ضدنا؟ والشىء المضحك هو ما ردده بعض حماة الوطن الرافضون لهذا النوع الفظيع من التطبيع أنهم سيسألون إذا كانت هذه الممثلة لها آراء ضد العرب، ففى هذه الحالة سيرفضون الفيلم، والعكس صحيح، لذلك لا نملك سوى أن نطلق زغرودة ابتهاجا بذلك الحل.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة