البابا شنودة: حين يرفع غطاء سماحته عن موريس صادق وشطط بعض أقباط المهجر

الخميس، 27 يناير 2011 10:59 م
البابا شنودة: حين يرفع غطاء سماحته عن موريس صادق وشطط بعض أقباط المهجر البابا شنودة
عمرو جاد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عليك أن تصل للقامة الروحية والإيمان بالوطن كما يجب أن يكون، لكى تفهم تلك الهالة الممتلئة بالحكمة التى تحيط بالبابا شنودة الثالث بابا الأقباط وبطريرك الكرازة المرقسية، التى تكون فى أروع حالاتها عند المصائب والأزمات التى تضرب طرفا من جسد الوطن، فقدرة الرجل على ابتلاع الألم تفوق قدرة كثير ممن نعتبرهم متسامحين، ليس لأنه حبر يتمتع بقدر عميق من الإيمان فقط، ولكنه أيضا يمثل رمزا راسخا للوطنية المصرية متسلحا بجذوره الجنوبية ومعرفته الدينية وصمام للأمان فى أوقات الشدائد، عليك أن تتمتع بقدر مناسب من الحساسية لكى تدرك حجم الألم الذى أصاب الرجل بعد حادث التفجير أمام كنيسة القديسين بالإسكندرية، وأثبت أنه قديس بالفعل فى تماسكه بعد إخباره بأن 23 من أبناء مصر ذهبوا كبش فداء لعقل شيطانى أراد أن يضرب عصفورين بحجر واحد، يفسد فرحة المسيحيين بعيد الميلاد، ويفسد علاقتهم المتينة بالمسلمين، فى بلد لا يكاد جرح الطائفية فيه أن يلتئم، حتى تأتيه ضربة من حيث لا يدرى فتجعله غائرا بعد أن كان خدشا لا يرقى لحد الألم، فاستقبل الرجل من جاء ليعزيه بقلب صامد أنهكته الأحزان، فكانت إرادته الصلبة هى الدماء التى تجرى فى شرايينه، حتى وإن تجملت بعملية جراحية على أيدى الأطباء فى مستشفى كليفلاند بأمريكا.

الإنصاف الذى يستحقه البابا شنودة أكبر من أن تربطه بحادث مثل القديسين فقد آلم المصريين جميعا، ولكن هذا الإنصاف يتبدى فى تقدير المختلفين معه لقيمته وقدره، حتى هؤلاء الذين داسوا على صورته فى مظاهراتهم كانوا يمثلون عقلا غوغائيا لا وعى فيه، دفعهم لإهانة رمز لو راجع أحدهم نفسه لحظة لعرف قيمته، فالرجل لم يرد السوء بالسوء ويصمت على الإهانة الغاضبة التى وجهها بعض الشباب المسيحى لشيخ الأزهر، زميله فى التسامح ورفيق دربه فى مشوار إطفاء الحرائق الطائفية، حيث يمثلان بوجودهما جنبا إلى جنب مصدا منيعا ضد الرياح الخبيثة التى تهوى لتأجيج تلك الحرائق، الإنصاف أيضا يضعك أمام حقيقة دامغة مفادها أن البابا شنودة كان أول من يرفضون شطط بعض أبناء مصر من أقباط المهجر حين يذهب بهم الغضب إلى القول باضطهاد إخوانهم فى بلدهم والتطاول على إخوانهم المسلمين، فكان الرجل يقف بالمرصاد لتلك الشطحات، حتى وإن غلبه الغضب من الدولة، كان يعرف جيدا أن أبناء الوطن الواحد لا يجب أن يدفعوا ثمن أخطاء حكومتهم.

ورغم الصورة المشوشة التى مثلها محام منبوذ من بنى مهنته وشخص تكرهه أرض وطنه، لأقباط المهجر، إلا أن أحدا لا يشكك فى وطنيتهم وانتمائهم لهذه الأرض، وكان البابا شنودة أول من تنبه إلى احتواء غضبهم كما احتوى غضب إخوتهم بالداخل، فهو يخاطبهم فى كل عيد برسالة تهنئة وسلوان رقيقة بدأها بقوله«أبنائى فى المهجر» ويذكرهم بأن مصر وطن للجميع، حتى حينما كانوا يغضبون لأمر ما يحنو الرجل عليهم ويفيض عليهم من حكمته، ويضرب لهم مثالا فى التفاهم ليقنعهم بأن خلافهم ليس مع المسلمين الذين يعيشون تحت سقف واحد مع المسحيين ويتقاسمون نفس الهموم، وحتى فى خلافهم مع النظام السياسى كان البابا يشدد عليهم بأن الخلاف يلزمه أدب وتعقل وحوار هادئ يصل بأطرافه إلى اتفاق بمعروف أو تسريح بإحسان، ويظل البابا يعلم الأقباط فى الداخل والخارج أن الوحدة الوطنية مثل نهر النيل يشرب منه الجميع حتى وإن لوثه البعض، ويعلمهم أيضا أن رسالة التسامح والسلام التى جاء بها المسيح تدعو للمحبة وترفض أن يسىء إليها موريس صادق صاحب الأفكار الموتورة والشاذة، والتى يدعوهم البابا لنبذها بادئا بنفسه حين سجل لهم مثالا خالصا للصدق مع النفس حين رفض وهو يخضع للفحوصات بأمريكا أن يستقبل موريس صادق ليس لأنه شخص مكروه فقط، فسماحة البابا قد تستوعبه، ولكن لأن الرجل بشططه وتخاريفه أصبحت رؤيته أو سماع صوته سببا إضافيا للألم فى قلب البابا الذى لا يحتمل أن يتدخل أحد من الخارج بين المصريين بأقباطهم ومسلميهم، فكيف سيحتمل رؤية شخص تتقطر روحه بغضا لمصر وأهلها، فهذا هو نظير جيد الذى نعرفه ونحفظ قوله«مصر ليست بلدا نعيش فيه ولكنه وطن يعيش فينا».





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة