ملايين المصريين الغاضبين الذين خرجوا إلى شوارع مصر كانت حناجرها الهادرة تهتف " أحمد عز...باطل" " واحلف بسماها وبترابها وعز هوة اللي خربها" تعالت أصوات الغاضبين حتى سمع دوي انفجار داخل المقر الرئيسي للحزب الوطني الحاكم وبعدها خرجت من بين جدرانه وغرفه ألسنة النار واشتعلت النار في كل مكان داخله وامتد بعد ذلك إلى مبنى الاتحاد الاشتراكي السابق و الذي يضم المجالس القومية المتخصصة والمجلس الأعلى للصحافة.
الغاضبون الذين تعمدوا إحراق الحزب الوطني كان تنفيس عن غضب حارق ضد سياسات رمزها وبطلها رجل الأعمال أحمد عز الذي تحكم في كل شيء وأدار وحده أسوأ انتخابات برلمانية في تاريخ مصر السياسي جاء نتيجة تزويرها الفاضح سيطرة الحزب الوطني بالكامل على مجلس الشعب، وهي الانتخابات التي اعتبرت بمثابة القشة التي قصمت ظهر النظام السياسي وأخرجت الملايين إلى الشارع مطالبة ليس فقط بأحمد عز وإنما بالنظام برمته الذي مثل فيه احمد عز ذاته رمزا للفساد واحتكار رأس المال وتوظيف السلطة لصالح مصالحه وشركاته حتى صار أكبر محتكر لتجارة الحديد في مصر.
أدار عز في السنوات الأخيرة دفة السياسة في مصر وأصبح المتحدث باسمها بل أصبح المتحدث عن الاقتصاد أيضا واستفز كل المصريين أو الغالبية العظمى من الشعب الذي عاني ويلات السياسات الفاشلة المنحازة لطبقة رجال الأعمال ونتج عنها إفقار أكثر من 40 بالمائة من الشعب وحصد فئة قليلة لعائد التنمية الاقتصادية.
مع انفجار بركان الغضب في الشارع المصري تخلى الجميع عنه واتهموه بأنه المسئول عما جرى ..هكذا رجال السلطة عندما تغرق المركب ويتحولون إلى " فئران سفينة" يكونوا أول من يتخلي وأول من يهرب.
بين صعود مفاجئ غير مبرر وغير منطقي لظاهرة أحمد عز ونهاية أو هاوية متوقعة كانت قصة أسطورة إمبراطورية اقتصادية وسياسية نهضت في سنوات قليلة اسمها "إمبراطورية أحمد عز" في أقل من 13 عاما حقق عز انتصار و نفوذ متوالي وانتقل من نجاح إلى نجاح..يجمع بين المال والسلطة و النفوذ وعلا بقامته القصيرة فوق كل الرؤوس وقطع خطوات واسعة أوصلته إلى قمة السياسة والاقتصاد، ولم يكمل عامه الخمسين ارتبط اسم أحمد عز منذ ظهر على الساحة الاقتصادية والسياسية بألقاب مثل الفتى المدلل والرجل الحديدي والمحتكر وغيرها من الألقاب والصفات التي أثارت جدلا كبيرا في الشارع المصري، كما ارتبط اسم عز بالعديد من المحطات الاقتصادية التي ساهمت في خلق معاناة كبيرة للمواطنين بداية من الاحتكار الذي أصاب أهم سلعتين وهما الحديد والأسمنت وتلاعبات البورصة والثروات الضخمة..كل هذه الملفات جعلت اسمه يرتبط دائما بمؤامرة ما أو كارثة سياسية أو اقتصادية وفي النهاية بالفساد فترة التسعينات كانت البداية الحقيقية لأحمد عز رجل الأعمال حينما تقدم للمهندس حسب الله الكفراوي وزير التعمير الأسبق بطلب الحصول على قطعة أرض في مدينة السادات لإقامة مصنع لدرفلة الحديد ولم تكن قيمته تتجاوز 200 ألف جنيه وحتى عام 1995 لم يكن هناك على الساحة شخص يدعي أحمد عز.
ومن بعدها بدأ عز تكوين تلك الإمبراطورية الاقتصادية التي أثارت أكبر مساحة من الجدل فى الشارع المصرى، ولما لا وهو يمتلك أسطولا من الشركات، بدأت برئاسته لمجموعة شركات عز الصناعية والتي تضم شركة "عز الدخيلة للصلب بالإسكندرية" الذي دخل فيها كمستثمر رئيسي عام 1999، والتي كانت تعرف سابقاً باسم شركة "الإسكندرية الوطنية للحديد والصلب"، وشركة "عز لصناعة حديد التسليح" بمدينة السادات، و"عز لمسطحات الصلب" بالسويس، ومصنع "البركة" بالعاشر من رمضان، وشركة "عز للتجارة الخارجية" بالإضافة إلى شركة "سيراميك الجوهرة" الذي أنشئ أواخر الثمانينات، وتعتبر شركاته أكبر منتج للحديد في العالم العربي وفق لأخر تقرير للإتحاد العربي للصلب ويليها شركة سابك السعودي.
شركات عز تضم شركة العز لصناعة حديد التسليح - تأسست عام 1994 بالمنوفية برأس مال 911.9 مليون جنيه وبعد تأسيس هذه الشركة تأسست 3 شركات تابعة لها وهو: مصانع عز للدرفلة (مصانع العز للصلب سابقا) التي تأسست عام 1986 مستفيدة من قانون الانفتاح، ثم عدلت أوضاعها بعد انتهاء فترة الإعفاءات الضريبية مستفيدا من قانون الاستثمار الجديد رقم (8) لسنة 1997، ويملك أحمد عز 90.73% من أسهمها، ثم شركة العز لصناعة الصلب المسطح (العز للصناعات الثقيلة سابقا) التي تأسست عام 1998 بنظام المناطق الحرة مستفيدة كذلك من قانون الاستثمار الجديد ويمتلك فيها أحمد عز 75.15% من أسهمها، ثم شركة عز الدخيلة للصلب (الإسكندرية) التي كانت من سنوات قليلة من ممتلكات قطاع الأعمال العام وكانت تأسست عام 1982، وعبر عمليات غامضة استحوذ عز عليها عام 1998 وامتلك الآن 50.28% من أسهمها، بعد أن كانت حصته فيها في ديسمبر من العام 2007 حوالي 53.52%.
وتستحوذ هذه الشركات علي نحو 90% من إجمالي إنتاج ومبيعات السوق، وتستأثر شركات عز بحوالي 60% من الطلب المحلي وأكثر من 50% من الطلب الخارجي، وبالمثل فإن إنتاج الحديد المسطح تكاد تنفرد به 3 شركات، إحداها هي شركة الحديد والصلب المصرية المملوكة للحكومة، والأخريان خاصتان هما (شركة عز للصلب المسطح) و(شركة الإسكندرية الوطنية للحديد والصلب).
بدأت رحلة عز مع الحديد عام 1994 عندما أسس مع والده أول مصنع لإنتاج الحديد.. في عامي 1993 - 1994 حصل أحمد عز علي قروض من البنوك تبلغ أكثر من مليار و600 مليون جنيه فتعاقد مع شركة "دانيلي" الايطالية لبناء مصنع "العز لحديد التسليح" بطاقة 300 ألف طن ، وفي عام 96 تعاقد علي خط آخر بطاقة 630 ألف طن وفرن صهر بطاقة 600 ألف طن، وكانت التكلفة الإجمالية للمصنع بلغت حوالي 034 مليون جنيه.
وفي فبراير عام 2000 تولي عز رئاسة مجلس إدارة شركة الدخيلة، وفي عام 2001 اصدر تعليماته بخفض كميات حديد التسليح في شركة إسكندرية الوطنية للحديد والصلب الدخيلة، وأوقف يومها إنتاج حديد التسليح مما تسبب في تداعيات خطيرة أثرت علي السيولة بالشركة، مما أسفر بالتبعية عن وجود فائض في وجود فائض في خامات "البيليت" المصنعة بالشركة، وقدرت بحوالي 45 ألف طن شهريا، حيث أكدت الوقائع أن قرار خفض الإنتاج كان لحساب مصانعه خاصة بعد أن قام بشراء هذه الكميات الزائدة من "البيليت" بسعر الطن 68 جنيها، ليقوم بتصنيعه كحديد تسليح في مصانعه الكائنة بمدينة السادات.
لكن الضربة الكبرى كانت عام 1999م؛ حيث استغل عز أزمة السيولة التي تعرَّضت لها شركة الإسكندرية الوطنية للحديد والصلب الدخيلة بسبب سياسات الإغراق التي سمحت بها الحكومة للحديد القادم من أوكرانيا ودول الكتلة الشرقية فتقدم بعرض للمساهمة في رأس المال، وبالفعل تم نقل (500.543) سهم من اتحاد العاملين المساهمين بشركة الدخيلة لصالح شركة عز لصناعة حديد التسليح وبعد شهر واحد تمَّ إصدار ثلاثة ملايين سهم لصالح العز بقيمة 456 مليون جنيه، وبعد ذلك وفي شهر ديسمبر من نفس السنة أصبح عز رئيسًا لمجلس إدارة الدخيلة ومحتكرًا لإنتاج البيليت الخاص بحديد التسليح، وهذا التعيين جاء مريبًا لأنه تمَّ على أساس أن عز يمتلك 27% من أسهم الدخيلة رغم أنه لم يقُمْ بسداد ثمن الأسهم التي اشتراها.
وجاء قرار عز برفع سعر طن حديد التسليح 250 جنيهًا إضافيًا، ليتجاوز سعره أربعة آلاف جنيه نهاية العام الماضي، تحديًا لقرار المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة السابق و من الحكايات التي تم السكوت عنها في أنشطة أحمد عز علي الصعيد الاقتصادي هو حجم الدعم الضخم الذي حصل عليه سنويا من خلال تقديم الوقود له ولشركاته بأسعار تقل كثيرا جدا عن الأسعار المتوافقة مع الأسعار الدولية، و السماح له بالتصدير الواسع لمنتجاته إلي الأسواق العالمية مستفيدا من فروق الأسعار في مدخلات الإنتاج من الطاقة والغاز مقارنة بالأسعار الدولية لتلك المدخلات، ويضاف صافي الربح من تلك العملية إلي حساب تلك المشروعات وربما في حسابات خارجية.
إضافة إلى حجم الدعم الضخم الذي يقدمه للحزب الحاكم م حتى أن البعض تندر على ذلك وقال إن أحمد عز "بيصرف على الحزب الوطني".
في السياسة ارتبط ظهور عز في الحزب الوطني مع صعود نجم جمال مبارك ومشروعه في التوريث ودار الصراع الخفي بين ما أطلق عليه تيار التغيير والحرس القديم ورموزه في الحزب الحاكم وأصبح هو مهندس وأمين التنظيم في الحزب دون مؤهلات حقيقية فلم يعرف عنه ممارسة لأي نشاط سياسي سابق سوى في الحزب الوطني.
دخل أحمد عز وجامعة القاهرة وحصل على بكالوريوس هندسة وأشتهر بحبه للعزف على "الدرامز" وبدأ حياته عازفا ضمن فرقة موسيقية بأحد فنادق القاهرة الشهيرة عام 1987 وحاول أحمد عز أن يقنع الرأي العام بأنه سليل عائلة غنية منحته ورثا كبيرا استطاع أن يكبر به ويطوره إلا أن المتداول عنه بأنه كان من أسرة بسيطة تمتلك ورشا للحدادة تطورت لتصبح محلا لبيع الحديد وان تلك التجارة لم تكن لتصلح كبداية تحقق له ثروة تقدر بأكثر من 40 مليار جنيه.
وحتى عام 1995 لم يكن هناك على الساحة شخص يدعى أحمد عز ..ولكن مع بداية هذا العام بدأت استثمارات عز مع مشروع سيراميك الجوهرة وبدأت صور احمد عز تظهر للمرة الأولى على صفحات جريدة الأهرام المتخصصة في الاقتصاد والإنتاج وهى الصفحات التي يعشقها رجال الأعمال في الصحف على اعتبار أنها بداية الطريق نحو وضع القدم الأولى في سوق السياسية والسلطة.
وقتها كان يبحث عن مظلة تحميه حتى وجدها في شخص نجل الرئيس ،حيث شهد مؤتمر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عام 1996 الظهور الأول للثنائي الذي لن يفترق بعد ذلك وشاهد الناس كلها احمد عز وهو يجلس باسما بجوار جمال مبارك .. ليحصل على الصورة الأولى بجوار نجل الرئيس، في بلد تفتح أبوابها على مصراعيه لكل صاحب سلطة أو قريب شخص صاحب سلطة، الدفع الفوري له أهمية كبرى في حياة احمد عز ومثلما دفع للصفحات المتخصصة بالأهرام ،دفع أيضا ليبقى بجوار جمال مبارك ، فقد أدرك عز أن صورته التي ظهر فيها بجوار نجل الرئيس ثمنها غالى فبادر بالحفاظ على علاقته بجمال وكان أول المساهمين في جمعية جيل المستقبل التي بدأ بها جمال مبارك رحلة صعوده وكان هذه عام 1998 .
من 1998 حتى 2000 كان أحمد عز يجنى ثمار توطيد علاقته مع نجل الرئيس فقد شهدت تلك الفترة نموا هائلا في استثمارات رجل لا يعرفه أحد.. بدأ يحتكر صناعة السيراميك مع أبو العنين وزاد نشاط مصنع الحديد وانشأ شركة للتجارة الخارجية وأمتلك مثله مثل مجموعة من رجال الأعمال القريبن من السلطة مساحات من الأراضي في السويس وتوشكي وأصبح وكيلا لإتحاد الصناعات ..ولكن اللعبة الكبرى كانت في عام 1999 حينما استغل عز أزمة السيولة التي تعرضت لها شركة الإسكندرية الوطنية للحديد والصلب الدخيلة بسبب سياسات الإغراق التي سمحت بها الحكومة للحديد القادم من أوكرانيا. ودول الكتلة الشرقية فتقدم بعرض للمساهمة في رأس المال، وبالفعل تم نقل 543.500 سهم من اتحاد العاملين المساهمين بشركة الدخيلة لصالح شركة العز لصناعة حديد التسليح وبعد شهر واحد تم إصدار ثلاثة ملايين سهم لصالح العز بقيمة 456 مليون جنيه وبعد ذلك وفى شهر ديسمبر من نفس السنة أصبح عز رئيسا لمجلس إدارة الدخيلة ومحتكرا لإنتاج خام البيليت الخاص بحديد التسليح.
بعدها بدأ في جني الثمار على المستوى السياسي ،بدون أي مقدمات وجد احمد عز نفسه في فبراير 2002 عضوا في الأمانة العامة للحزب الوطني ضمن الهوجة الأولى لدخول رجال الأعمال مجال العمل السياسي على يد السيد جمال مبارك ،وكان دخول عز متوازيا مع بداية نشاط جمال مبارك وهو التوازي الذي سيستمر كثيرا .
ولأن ذكاء عز قد أخبره أن مساحات السيطرة على الحزب الوطني تبدأ من داخل البرلمان سارع وقام بترشيح نفسه في الانتخابات البرلمانية 2000 وأصبح نائبا عن دائرة منوف الذي تم تفصيلها على مقاسه على اعتبار أن مصانعه موجودة بمدينة السادات وأصوات العمال وحدها كفيلة بنجاحه وهو ماكان ..وفجأة أصبح احمد عز وبدون اى مقدمات رئيسا للجنة التخطيط والموازنة في مجلس الشعب .
وفى نفس الوقت أصبح احمد عز زميلا لجمال مبارك ضمن لجنة الإصلاح التي تشكلت في الحزب الوطني وفى سبتمبر 2002 كان المؤتمر العام للحزب وكان أحمد عز على موعد مع لعبته القديمة التي تفتح أمامه الأبواب المغلقة.. إنها لعبة الدفع الفوري ..
وظهرت تقارير كثيرة وقتها في الصحف المستقلة والمعارضة عن ما أنفقه عز بسخاء على المؤتمر ،ثم عاد عز ليحصد ما دفعه وأصبح عضوا في أمانة السياسات ولم يكن مجرد عضو عادى بل كان من المسيطرين والمحركين الأساسين كما قال الدكتور أسامة الغزالي حرب بعد خروجه من الحزب .
وأصبح واضحا للكل أن عز قد أصبح رجل جمال مبارك الذي اسند له وبدون مقدمات أيضا رئاسة لجنة الحفاظ على الاراضى الزراعية وفى عام 2003 كان هناك تدشين رسمي لتلك العلاقة حينما كان احمد عز رفيقا لجمال مبارك أثناء سفره إلى الولايات المتحدة .
ثم جاء عام 2004 ليشهد قفزة جديدة لأحمد عز الذي قرر أن يقطع المسافات الطويلة بسرعة طالما أنه يملك كارت جمال مبارك لحمايته من الرادار ، وحصل على منصب أمين العضوية وهو المنصب الخطير داخل الحزب الوطني ولكي تعرف مدى أهميته يكفى أن تعرف انه كان منصب كمال الشاذلي . وبالتزامن بدأت فائدة الغطاء السياسي الذي اشتراه عز بفلوسه يظهر حينما تعامل مجلس الشعب مع استجواب النائب أبو العز الحريري ضد احمد عز بالمزيد من البيروقراطية حتى تم تعطيله.
وبعد انتهاء مولد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 2005 وانتشار أحاديث عن دور عز لتمويلها ومتابعتها... حصل على أهم منصب في الحزب وهو أمين التنظيم وللصدفة كان أيضا منصب كمال الشاذلي ، ولأن عز لا يحصل على مكاسبه بالقطعة فقد حصل بالتزامن على مكاسب طائلة نتيجة احتكاره للحديد وارتفاع سعر الطن.
في الشهور الأخيرة قدم عز نفسه كمفكر ليكمل ثلاثية رجل الأعمال والسياسي ولكنه تعامل مع كل القضايا بمنطقه التجاري
وحين تحدث عن القضية الفلسطينية، تعامل مع دور مصر بمنطق التجارة، وتحدث في أشياء معنوية وثقافية بمنطق المكسب والخسارة، قائلاً: هل لو قامت الحرب ستدعم قطر التي وصلت إيراداتها السنوية إلى 100 مليار دولار مصر، وهل ستفعل السعودية ذلك والجزائر؟ وقال عز إن الحديث عن استضافة العرب لا خلاف عليها، لكن لو أراد العرب الحرب فعلى كل منهم أن يقدم جزءاً من عنده، ومصر ستكون رقم واحد ولكنها ليست الوحيدة.
وأضاف قائلاً: «إن المواطن الفلسطيني يجب أن يكون أول من يبكى على نفسه ونحن سنكون ثاني من يبكى عليه".
وهنا ربط دخول مصر في أي حرب ضد إسرائيل بمن يدفع، والحقيقة أن الحروب لا تدخل فيها الدول لاعتبارات مالية، فهل لو تعرضت مصر لهجوم هل ستنتظر من يدفع لها حتى تدافع عن نفسها؟، بالتأكيد لا، وهل هناك عاقل يمكن أن يربط دور مصر في دعم القضية الفلسطينية بالمال، أم بالدافع عن مصالح مصر والحيوية والإستراتيجية التي لا تقدر بمال، وأخيرا فإنه لا يوجد عاقل في مصر- وبصرف النظر عن موضوع المال- يطالب الحكومة المصرية بمحاربة إسرائيل عسكريا لمصلحة حماس أو حزب الله، أو على حساب مصالحها الوطنية (التي هي أيضا لا تقدر بمال) إنما المطلوب هو دعم الشعب الفلسطيني بكل الوسائل السياسية والقانونية والإعلامية، لا أن نعايره بحاله ونقول له ابكِ على نفسك.وقد امتد هذا الفهم التجاري إلى ماجرى فى الانتخابات الأخيرة، حين بدأ أمين التنظيم في الحزب الوطني باختراع نظام لم يعرفه أي نظام حزبي آخر في الدنيا، فسمح لـ800 مرشح من أعضائه بمواجهة بعضهم البعض، فيما عرف بالدوائر المفتوحة في مشهد يدمر أبسط معاني الانتماء الحزبي البديهية، والمعروفة في كل مكان في العالم، وهو مقتبس من حياة المال والأعمال في البلدان غير الديمقراطية التي تقوم على المنافسة المفتوحة التي لا يحكمها أي رابط، كما كرّس لنمط جديد من العلاقات الحزبية غير المسبوق أيضاً و فرض على مرشحي الحزب الوطني التوقيع على عقود إذعان يستسلم فيها كل من قدّم أوراق ترشيحه لمجمع الحزب الانتخابي إلى أمين تنظيم الحزب أو أمين المحافظة، ويعلن في توكيل رسمي في الشهر العقاري أنه لن يترشح كمستقل في مواجهة مرشحي الحزب الرسميين.
كانت السيناريوهات تفرش طريق عز بالورود والأحلام مفتوحة على أبواب المستقبل بلا حدود ولم يتخيل عز أو أي أن أنصاره أن الطري الذي رسمه لنفسه هو ذاته طريق النهاية والهاوية في أقل من 3 أيام وهو الذي رسم الطريق ليمتد إلى سنوات وسنوات
فهو المتهم الآن بالفساد والمتهم بأنه هو الذي ورط النظام ومبارك نفسه ووضعه في طريق النهاية و.."أنه هوة اللي خربها"