"ذهبت السكرة وآتت الفكرة" مثال شعبى مصرى يعبر عن حالة أطياف كثيرة سياسية فى مصر الآن، فبعد أن ظلت كل أطياف المعارضة والموائمة السياسية فاغرة فاها منذ الخامس والعشرين من هذا الشهر أمام اجتياح شعبى شبابى.. بدأت الآن تغلق فمها وتبلع ريقها فى محاولة لإيجاد مكان لها على الخريطة المصرية التى لم تحدد بعد.
إجتمعت أمس كل أطياف المعارضة الشرعية أو ما كان يقال عنها معارضة شرعية، ترأسها سيد البدوى رئيس حزب الوفد والحزب الناصرى وحزب التجمع وأقطاب أحزاب أخرى ليصدروا بيانا يتماشى مع شوارع مصر وبينما هم مجتمعون يدخل عليهم أسامة الغزالى حرب الذى يمثل جبهة التغيير يطالبهم بالإنضمام إلى بيان الجبهة الذى يقول أن أطياف المعارضة وكلت البرادعى للحديث باسم مصر أمام الجهات الداخلية والخارجية، والمقصود بالداخل كما هو مفهوم الجيش والخارج هو أمريكا.
وترفض أحزاب المعارضة هذا البيان ويخرج أسامة الغزالى حرب بورقته المرفوضة ثم يخرج بعده بلحظات أقطاب الاجتماع ليعلنوا بيانهم الذى يطالب الرئيس بالرحيل لأنه فقد الشرعية ويعلنوا أسماء مقترحة لوزارة انتقالية مثل د. يحى الجمل وآخرين لصياغة دستور جديد.ورغم أنى كنت حاضرة لهذا المؤتمر إلا إنى فوجئت بالأخبار بعد لحظات تتلاحق على الفضائيات بأن المعارضة المصرية والشباب يفوض البرادعى وهم كاذبون ما فوضت المعارضة المترهلة ولا الشباب النضر البرادعى ولكن الكل الآن يريد أن يركب الموجة، الرجل الذى كان يحتمى بالتويتر ويجاهد عليه بكلمات مقضية، البرادعى الذى ظل مختبئا منذ أن وصل من سويسرا إلى القاهرة ظهر ليلا أمس فقط فى ميدان التحرير ليعلن بكلمات مقتضبه أنه موجود ولكن بمكبر صوت، الشوارع فى مصر تشتعل بالشباب ولكن الكبار معارضة أو حكومة للأسف مازالوا يتعاملون بذات الصيغ القديمة التى ما عاد لها مكان على أرض الواقع.
مصر الآن لا تريد مبارك ولكنها أيضا بالتأكيد لا تريد مثل البرادعى الذى يحلم بالتفاوض باسم مصر فهيهات الشباب الآن وكأنه يغنى أغنية فيلم الابن الضال الشارع لنا إحنا لوحدنا والناس التانيين دول مش مننا وكم هم اللى مش مننا.