إنهم يحلمون بنهب المزيد من خيرات هذا البلد فى هذه السنة الجديدة، ونحن نحلم بأن يستقيم ميزان العدل الاجتماعى المختل، إنهم يحلمون باستمرار تمتعهم بلذة السلطة المطلقة، ونحن نحلم بإقامة مجتمع ديمقراطى ينهض على التداول السلمى للسلطة من خلال انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، إنهم يحلمون بأن تظل نسبة الأمية كما هى (نحو 30% من الشعب المصرى لا يعرف القراءة والكتابة) لأن الشعب الجاهل أسلس قياداً، ونحن نحلم بالقضاء على ذئب الأمية الشرس هذا، ليستزيد الناس من أنوار العلم والمعرفة فيطلعوا على حقوقهم ويطالبوا بها.
إنهم يحلمون باستمرار التشنجات والمشاحنات الطائفية عند هذا المستوى المؤسف حتى ننشغل جميعاً (مسلمين ومسيحيين) بقضايا فرعية، ولا نلتفت إلى فسادهم وخيباتهم وإخفاقهم فى قيادة بلد عظيم مثل مصر أهانوه وخربوه. وها هو الحادث الموجع للقلب الذى جرى ليلة رأس السنة فى الإسكندرية يؤكد إصرار أولى الأمر على عدم الإسراع فى فك الاشتباك بين شريكى الوطن من خلال إصدار القوانين التى توفر للناس، كل الناس، حق التمتع بالعبادة فى أماكنهم المقدسة بدون تعقيدات بيروقراطية، الأمر الذى يعنى بوضوح جهلهم بالخطر الماحق إذا تفاقم، لا قدر الله، الخلاف بين المسلمين والمسيحيين.
إنهم يحلمون بذبح صقور المعارضة الوليدة التى تفضح جشعهم وتندد باستبدادهم. ونحن نحلم بأن تنمو الصقور وتكبر حتى تصير جوارح بالغة تنهش لحم الفاسدين، وتحطم عظام الأفاقين. إنهم يحلمون بالقضاء على ظاهرة البرادعى الذى أربكهم وحرمهم من لذة النوم المريح، فأقض مضاجعهم، وأصابهم بسهام الأرق. ونحن نحلم بأن يظهر ألف برادعى آخر، وأن يشتد عود هذا البرادعى أكثر وأكثر، وأن يدرك حجم المهمة التى ألقاها على كتفيه شعب محبط ومنهوب يبحث عن وسيلة يقاوم بها الذين سرقوا منه عصافير الأمل.
إنهم يحلمون بأن يظل البرادعى خارج مصر، هائماً فى بلاد الله الواسعة يلقى المحاضرات ويستلم الجوائز، ونحن نحلم بأن يتشبث البرادعى بالوطن: يدعو ويبشّر ويفضح. إنهم يحلمون بدورات برلمانية هادئة ومستكينة، بعد أن زوّروا الانتخابات، وأزاحوا الأصوات الشريفة من تحت قبة البرلمان. ونحن نحلم بأن يسقط برلمانهم المزوّر هذا، لنؤسس برلماناً حقيقياً يمثل جموع فئات وطبقات الشعب بحق، برلمانأ تشكل وفق انتخابات حرة ونزيهة. إنهم يحلمون بأن يظل قانون الطوارئ سيفاً مسلطاً على رقاب العباد يمنحهم سلطات مطلقة، ونحن نحلم بإسقاط هذا القانون الغبى الذى يحكموننا به منذ ثلاثين عاماً، مثلما نحلم بإسقاط كافة القوانين التى تسلب المصريين حريتهم فى تكوين الأحزاب، وإصدار الصحف وتنظيم الاعتصامات والمظاهرات السلمية.
إنهم يحلمون بأن تظل أوضاع العاصمة بهذا السوء، فلا شوارع ممهدة ولا نظام مرورى صارم يطبق على الجميع، ولا رفع لأكوام الزبالة من على الأرصفة، حتى نظل نحن المصريون أسرى عذابات يومية لا تنتهي، فلا يبقى لدينا الوقت أو البال للاهتمام بالسياسة، حيث سنكتشف آنذاك حجم الجرائم التى يرتكبونها فى حق الشعب المصري. ونحن نحلم بأن نزيح عن القاهرة هذه المظاهر البائسة، فنعيد تنظيم العاصمة بطريقة تليق بتاريخها العتيد، حتى يستمتع أهلها بعاصمة نظيفة ومنظمة وجميلة.
إنهم فى هذه السنة الجديدة 2011 يحلمون بتمرير مشروع التوريث، هذا المشروع المشبوه الذى يكافحون من أجل إتمامه بنجاح منذ عشر سنوات، ونحن نحلم بوأد هذا المشروع الملعون ودفنه إلى الأبد، لأنه يهين تاريخ شعب ناضل سنوات طويلة حتى تحقق له حلمه بأن يحكم نفسه بنفسه، مسترشداً بصرخة الزعيم أحمد عرابى التى أطلقها فى وجه الخديوى توفيق قبل 130 سنة بالتمام: (لقد خلقنا الله أحراراً، والله لن نورث أو نستعبد بعد اليوم).
ترى.. من منا سيحقق حلمه فى هذا العام الجديد؟ الأشرار أم الطيبون؟ هم أم نحن؟ وكل سنة وأنت طيب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة