كريم عبد السلام

فتنة قرية "المريناب"

السبت، 01 أكتوبر 2011 09:45 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لنقرأ معا هذا الخبر: "تجددت الاحتجاجات السلمية بين مسلمى ومسيحيى مدينة إدفو بأسوان، اليوم الجمعة، على خلفية قيام مجموعة من الأقباط بقرية المريناب التابعة لمدينة إدفو، بتحويل مضيفة خاصة بهم إلى كنيسة، وبناء عدد من القباب أعلاها، الأمر الذى أثار بعض مسلمى القرية، وهددوا بإزالتها بالقوة".

قد تسأل مثلى: " لماذا؟ وتأتيك الإجابة بأنها المرة المائة، التى تتجدد فيها الاحتجاجات والمناوشات والاشتباكات بين المسلمين والمسيحيين فى مكان ما فى مصر بسبب تحويل بعض المسيحيين منزلا إلى كنيسة.

وتعاود السؤال باستغراب: ولماذا الاحتجاجات أو المناوشات أو الاشتباكات أصلا؟ وتأتيك الإجابة مصحوبة بالاستهجان: "لأن المسيحيين ليس من حقهم تحويل البيت الفلانى أو المكان العلانى إلى كنيسة"، وتعاود السؤال باستغراب أشد: وهل استحوذ هؤلاء المسيحيون على منزل لا يخصهم أو أرض يملكها مسلمون وحولوها إلى كنيسة وأقاموا عليها صلواتهم؟ وتصدمك الإجابة بأن المنزل أو الأرض يملكهما مسيحيون لكن تحويلهما إلى كنيسة أو مكان لإقامة الصلوات أثار مشاعر المسلمين ودفعهم للاحتجاج.

يا مثبت العقل والدين ياالله، من المجرم الذى زرع فى وجدان المسلمين الغضب والرفض لإقامة المسيحيين لشعائرهم الدينية، وفى أى ظرف حدث ذلك، وتاريخ الدولة الإسلامية فى أزهى عصورها، كان يسمح بوجود الصابئة والمجوس ناهيك عن اليهود والمسيحيين، فكيف وصل بنا الحال إلى الاحتجاج والاستفزاز لمجرد أن إخوة الوطن يريدون إقامة شعائرهم؟

من الدقهلية إلى الإسكندرية مرورا بالزاوية الحمراء وإمبابة وحلوان وأطفيح بالقاهرة، وانتهاء بالكشح وأسوان تكون مثل هذه البدايات الغبية مقدمات لفتنة دموية كريهة، ولو فتشت وراءها لوجدت تراكمات من الاحتقانات الاجتماعية والاقتصادية وعجزا عن التحقق وإثبات الوجود يبحث لنفسه عن ثقب إبرة حتى يعلن عن نفسه بغضب وقسوة، توازى الشعور القاتل بالإحباط وعدم التحقق.

هناك بالفعل قرى كاملة ومراكز ليس فيها مكان يقيم فيه المسيحيون صلاتهم، ويضطرون لقطع عشرات الكيلومترات من أجل أداء شعائرهم، وقد ينقطع الكثير منهم عن العبادة بسبب بعد المسافة أو حتى تكلفة المواصلات، ولذلك يكون الحل بأن يتجمع المسيحيون فى قريتهم ليتدارسوا أمور دينهم، فلماذا نعتبر ذلك مؤذيا لمشاعرنا، وبدلا من مساعدتهم نحتج عليهم، ألا يحض الدين الإسلامى على محبة المسيحيين، "ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون - وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين" ( المائدة 81- 82 ).

ما الذى حدث لنا؟ ولماذا لا نستبدل التسامح بالكراهية والرح ة بالقسوة والتعايش بالرفض والتمييز؟ نخسر كثيرا إذا غلبنا الآخرين بالقوة والقسوة لأن كراهيتهم لنا تزداد وتكبر حتى تبتلع علاقات الإخوة والمواطنة، بينما نربح أكثر إذا أحببنا لهم ما نحب ونريد لأنفسنا، هل هذا المنطق صعب جدا وعصى على الفهم إلى هذه الدرجة حتى يتكرر مقلوبه من الإسكندرية إلى أسوان؟









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة