الآن وبعد كل هذه الضجة، أنت تعرف قصة فيديو التعذيب الذى ظهر به ضباط من الشرطة والجيش وهم يضربون باليد ويعذبون بالصاعق الكهرباء اثنين من المواطنين المصريين يحملان صفة المسجل خطر أو البلطجية أو الأشقياء، وبما أنك متابع الحدوتة فأنت تعلم بالضرورة حالة الانقسام التى تسيطر على الشارع المصرى بسبب هذا الفيديو..
فئة غير قليلة من المصريين ترفض الفيديو وترى أحداثه دليلا على وحشية ضباط الجيش والشرطة واعتمادهم التعذيب مبدأ فى التعامل مع المواطنين المصريين، ويتمادى البعض من أصحاب هذا الرأى فى التأكيد على أن الضباط الواردة وجوههم فى فيديو التعذيب مجموعة من المرضى النفسيين لا أكثر ولا أقل.
البعض وربما تكون أنت منهم يرى أن قيام الضباط بضرب وتعذيب بلطجية ومسجلين خطر بهذا الشكل وفى هذا التوقيت الذى تعيشه البلد، أمر عادى بل وواجب حتى يكونوا عبرة لغيرهم، وأصحاب وجهة النظر هذه يطرحون مع رؤيتهم سؤالا أهم يقول: هل رحم هؤلاء البلطجية النساء اللاتى اغتصبوهن والمواطنين الذين سرقوهم وضربوهم حتى نطلب لهم الرحمة من رجال الشرطة؟.
دعنى أصدمك وأصارحك بأننى لا أنتمى إلى إحدى الفئتين فلا أملك توجيه الإدانة كاملة للضباط، لأننى شخصيا لا يمكن أن أسيطر على مشاعرى وأحترم القانون وحقوق الإنسان أمام بلطجى اغتصب وقتل وسرق، ولكن ماورد فى هذا الفيديو من ضرب لم يكن تعبيرا عن مشاعر من هذا النوع، بل كان واضحا أنه ضرب للتسلية بدليل استمتاع الضباط بتصويره بالفيديو.
أنا أيضا لست مع الفئة الأخرى التى ترى أن الظرف الراهن يمنح الضباط حق الضرب والتعذيب، لأن الأمر فى هذا الفيديو تجاوز فكرة الضرب للحصول على اعتراف، وتجاوز فكرة المطاردة التى قد يجوز بها بعض من الضرب والقسوة، واستخدام هذه الفئة التى ترى التعذيب حلا للبلطجة تبريرات من نوعية، ماذا يفعل القانون مع مسجل خطر له حوالى 60 سابقة؟ أمر يعبر عن قسوة وسادية وعدم احترام لآدمية الإنسان، والطريف أن أغلب أصحاب هذا الرأى يرون فى الثورة عملا جاء بالخراب لمصر ويرون فى ظهور مبارك داخل القفص إهانة مبالغ فيها، رغم أنه وطبقا لوجهة نظرهم فى مسألة الفيديو هذه يستوجب على الضباط أن يقوموا بتعذيب مبارك فى اليوم ألف مرة بصفته «مسجل خطر» يملك آلاف السوابق، ألم تتم فى سجونه عمليات اغتصاب للمعتقلين والمعتقلات؟، ألم يتم فى عهده مصادرة أموال الإخوان وسرقتها؟، ألم يتم فى عهده حرق المواطنين فى القطارات وإغراقهم فى العبارات؟، ألم يتم فى عهده وتحت رعايته توزيع المواد المسرطنة على الزراعات وداخل البيوت؟، ألم تمت آلاف الأروح فى عهده لأنه فشل فى توفير مستشفيات للعلاج؟ ألم يسرق حلم وطن بأكلمه وصادر أمنيات أجيال كاملة من أجل أن يمهد لابنه جمال طريقا غير مشروع نحو كرسى الرئاسة؟.
أنا موافق إذن على مبدأ تعذيب المسجلين خطر وضربهم وصعقهم للحصول على الاعترافات، ولكن بشرط أن يتعرض مبارك بصفته كبير المسجلين خطر ووزير داخليته حبيب العادلى بصفته صانع البلطجية لكل أنواع الضرب والصعق التى شهدناها فى الفيديو، لأنهما على الأقل ارتكبا من الجرائم مايجعل الشفقة لاتجد طريقا إلى قلبك؟!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة