أكتب هذه السطور لأطرح مجموعة من التساؤلات، وهى ليست دفاعا عن المطرب عمرو دياب، ولكن عن المبدأ، وعن رغبة البعض فى إلقاء التهم، وتنصيب أنفسهم كحاملى لراية العدل، وأصحاب الأحكام القاطعة والتى يجب أن نسير وراءها جميعا، وكل من يختلف مع أصحاب الحقيقة المطلقة هو بالتأكيد مخطئ، ولا يفهم شيئا على الإطلاق، ويحتاج بالضرورة من يأخذ بيده، وينطبق هذا على كل قضايانا الكبيرة والصغيرة فى مناقشتنا سويا، فما الذى يجعل مجموعة تقرر فجأة أن تطلق صفحات على الفيس بوك وتطالب الجمهور بعدم شراء ألبوم عمرو دياب الجديد؟ - بالمناسبة لم أكن يوما من عشاقه وأستمع اليه بالصدفة - وهى حملات المقاطعة التى لم تكتف بسؤال الجمهور بعدم شراء الألبوم بل وصفت عمرو بأقذع الألفاظ، وأخذ بعضهم يسوق الحجة وراء الأخرى، ويكيل الاتهامات للمطرب، وانساق الآخرون وزايدو مؤكدين أنه مطرب وقف ضد الثورة ومنافق ويكفى أنه المطرب الذى غنى فى حفل زفاف جمال مبارك ابن الرئيس السابق، وكان صديقا للأسرة.
وهى اتهامات تجعل أى صاحب عقل وراغبا فى التفكير، أن يتوقف للحظات ويتساءل: ماهو الذنب الذى ارتكبه عمرو دياب ليتم تشويه صورته بهذا الشكل؟ ولماذا أصبحنا نتفنن فى تجريح رموزنا من الفنانين والنيل منهم، عادل إمام، ومحمد منير، وعمرو دياب؟ عادل إمام نختلف معه ومع آرائه وتصريحاته النارية التى يخرج بها من حين إلى آخر، ولكنه فى النهاية فنان قضى عمره فى هذه المهنة، وكان يهدف إلى رفع وإعلاء الفن المصرى، والكثيرون ممن سافروا خارج مصر، يعرفون حجم شعبية وجماهيرية إمام رغم كل التحفظات، وهو يفوق الكثير من السياسيين فى تأثيرهم، أفهم أن ننتقده، ولكن لماذا نهينه ونسبه بالأب والأم؟
محمد منير الذى غنى وتغنى لمصر وبمصر، وصار هو صوت الشعب ومرادفا للنيل ومصر، فجأة لأنه لم ينزل إلى ميدان التحرير، نصفه بأنه كان يغازل الثورة من بعيد، ولم يكن له موقف واضح، رغم أنه الذى أطلق أغنية «إزاى» التى صارت هى أغنية الثورة، كيف نختزل تاريخ فنان حمل الفن المصرى بصوته إلى كل العالم ومازال، بأن موقفه كان مائعا؟ ولماذا أصبحنا نلتفت فقط إلى أصحاب الصوت العالى والذين يجيدون الهتاف بحناجرهم فقط؟ منير هو صوت مصر الذى يجب أن نقدره، وهو واحد من الفنانين المهمومين ببلده طوال مشواره.
أما عمرو دياب والذى يعد واحدا من نجوم الغناء العربى والمصرى، صنع الجمهور شعبيته واستمر هو بذكائه، لا يصح أن يخرج البعض له لسانه ويقول: دا غنى فى فرح جمال مبارك، أى مطرب آخر كان سيتمنى لو كان فى مكانه، وليس الفنانون وحدهم الذين كانوا يسعون لعقد صداقات مع أبناء الرئيس السابق، أو التقاط الصور معهم، بل هناك سياسيون وإعلاميون وناس عاديون، وأعرف من هؤلاء من يحتفظون بهذه الصور فى ألبوماتهم الشخصية.
وأنا لا أضع النجوم الثلاثة فى مكانة واحدة، بل لكل منهم تجربته واختياراته الفنية التى ستبقى طوال التاريخ، ولا أقارن بينهم، بل أرفض مبدأ تجريح منير وعادل وعمرو.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة