لست فى حاجة لأن أعيد وأزيد على القارئ تحليلات وآراء حول أزمة ما حدث بالأمس فى ماسبيرو بين قوات الجيش والشرطة، ومتظاهرين مصريين، فآلاف الأقلام والأصوات خرجت وستخرج علينا لتحلل وتقيم الموقف، وتقول كلاماً ربما منمقاً أو غير منمق عن هذه الأزمة التى تعصف بالوطن، ولكنى سأشارك القارئ مشاعر مواطنة مصرية مثل ملايين لا تنتمى لحزب، وغير مهتمة بصياغة الدستور، أو تحالفات الأحزاب وألاعيب السياسة، فأزعم بأننى سأتحدث كأى مصرى يركب المواصلات العامة أو حتى سيارته المتهالكة، ويذهب إلى عمله كل يوم بحثاً عن مرتب آخر الشهر، ربما يستطيع أن يفى ببعض من حاجات أسرته المثالية المكونة من أربعة أفراد، سأتحدث باسم الأمهات اللاتى منعن أبناءهن من الذهاب لمدارسهم اليوم خوفاً مما يحدث، وحدث فى شوارع المحروسة التى لم تعد كذلك، سأتحدث باسم أطفال بعضهم فى سن المراهقة، وأقل، يسألون أمهاتهم هما المسلمين حيموتونا؟ أو هما الأقباط قتلوا المسلمين؟
باسم كل هؤلاء وباسم غيرهم كثيرين أطلب من حكومة الرجل الأمير "شرف" أن يرحلوا علَّ الله يرحمهم ويرحمنا. ارحلوا فأنتم عجزة عن إدارة مصر.. ارحلوا لأن فيكم رئيس وزراء خرج على شعبه الساعة الثانية والنصف ليلا بعد ليلة دامية دون أن يحمل حكومته المسئولية "راجعوا كلمة شرف للتذكرة".. ارحلوا لأن فيكم وزير داخلية محتاس فى أمن بلد بعد 8 شهور من ثورة بيضاء.
ارحلوا لأن منكم وزير إعلام أخرج علينا صوته عبر مذيعيه فى التلفزيون الرسمى يؤجج مشاعر الفتنة بين الشعب الواحد، وجلس يتحدث للفضائيات من بيته كما قال، وليس من مكتبه المطل على الأحداث، فهو حتى لم يكلف خاطره أن يكون كأنس الفقى وزير إعلام مبارك الذى لم يبرح مكانه وقت أن تصور أن هناك أزمة تعصف بالبلاد.
ارحلوا لأن منكم وزير تضامن اجتماعى يقدم بلاغات فى الإعلام والمواطنين لأنهم انتقدوه.. ارحلوا لأن منكم وزراء لا حول ولا قوة لهم فى صد مشاكلنا أو التمتع بالحد الأدنى من الخيال لحل جزء منها.
ارحلوا لأنكم لا تعرفون الفرق بين حكومة إنفاذ فى موقف تاريخى صعب وبين حكومة رايقة كأنها تحكم استوكهلم عاصمة السويد.
ارحلوا لأن الإحساس بالمسئولية نعمة حرمنا الله أن تكون فى من يحكمونا.. فإن لم ترحلوا للإحساس بالمسئولية، وهو غير متوفر، أرجوكم ارحلوا يرحمكم الله، وربما فى رحمته لكم رحمة لنا فارحلوا.