كما كان متوقعا، بدأت الشرارة فى الماريناب، والحكومة صامتة، وبدأت إشارات الحريق، وبقيت الحكومة صامتة ومتجاهلة وغائبة، واشتعل الحريق، وخرجت الحكومة هزيلة ومرتبكة. الحدث من الماريناب إلى ماسبيرو كان صورة طبق الأصل من أحداث كنيسة العياط وإمبابة بفروق قليلة فى التفاصيل. رد فعل الحكومة والمحافظين كان مزيجا من الإهمال والتجاهل، ولما أفاقت حكومة شرف كان الوقت قد فات. اكتشفنا أن الحكومة لديها مجموعة لإدارة الأزمات، تم الإعلان عنها بعد أن اشتعل الحريق، وسقط الجرحى والقتلى، فريق أزمات الحكومة ظل مختفيا، والأزمة فى تصاعدها من الماريناب لأسوان إلى القاهرة والإسكندرية وماسبيرو، وبعد خراب مالطا اجتمعت مجموعة الأزمات، وخرج رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف ليلقى ببيان هزيل، يقدم فيه أحزانه ويبث شجونه، ويحذر ممن يريدون هدم الدولة، دون أن يكلف نفسه الإشارة إلى «من يريدون ماذا؟».
لم تكن أحداث الماريناب فى حاجة إلى أى عاقل ليقول إنها تتصاعد، منذ كانت مجرد مناوشات واحتكاكات حول المضيفة. تحرك بعض المواطنين المسلمين لهدم ما قالوا إنها مضيفة، وبدأوا فى هدمها، كان يمكن أن تكون هناك مجموعة لمعالجة الأزمة، وكان أول رد فعل «استهبال»، خرج محافظ أسوان ليقول إن المكان غير مرخص، ورد عليه المسيحيون بأنه مرخص، لكن المحافظ الهمام تجاهل أن هناك مواطنين قرروا تطبيق القانون بأنفسهم، كان يجب أن يتم ضبط من خالفوا القانون واعتدوا على السلطة، وبعدها يمكن أن يتم التعامل مع المخالفات.
حذرنا وحذر غيرنا من هذه الغفلة، وطالبنا بأن يكون لدى الحكومة دور أكبر من دور رجل المطافئ، لكن الحكومة انتظرت، وعندما تحركت بدت هزيلة وعاجزة وفاشلة.
الماريناب تكرار لما حدث فى العياط، حيث اعتدى مواطنون مسلمون على الكنيسة، ولم يتم تقديم المتهمين، وتكررت الأحداث فى إمبابة فيما عرف بـ«فتنة عبير».
فى كل المرات كانت الحكومة تتجاهل الحدث حتى يصل لمظاهرات ومصادمات، ويسقط جرحى و قتلى.
الماريناب كانت ذروة المأساة، تركتها الحكومة لتصل إلى حد إقدام بعض المتظاهرين على إحراق سيارات الجيش، وسقوط عشرات القتلى والجرحى من المسيحيين ومن الجيش.
المسيحيون أكدوا أنهم كانوا يتظاهرون سلميا، وأن مجهولين أطلقوا النار على جنود الجيش والشرطة، بينما الجيش قال إنه لم يكن يحمل ذخيرة حية، فمن قتل ومن أطلق الرصاص؟ ومن يشعل الفتنة؟ وأين تنام الحكومة؟ وأين الأحزاب والسياسيون والمرشحون؟.
هناك من يتهم جهات مجهولة أو خارجية باللعب فى الوحدة وإذكاء الصراعات، وهناك من يتهم الفلول، وفى كل الأحداث لم يُقدم أى منهم «فلاً» ولا عنصرا خارجيا من صناع المؤامرات.
كل طرف سوف يبحث عن شماعة يعلق عليها الأحداث، دون أن تبحث الحكومة أو جهات التحقيق عن الفاعل الذى يظل مجهولا، والفتنة معلومة وقابلة للتصاعد.