لم أستغرب الصدام المسلح بين المتظاهرين الأقباط والجيش.. فكل الأمور كانت تسير فى هذا الاتجاه.. وذلك نتيجة للاستقطاب الحاد فى المجتمع الذى يغذيه بعض الذين يقدمون المصالح الخاصة على العامة. فهناك استقطاب بين المسلمين والمسيحيين تغذيه أى مشكلة تافهة ينفخ فيها الإعلام.. وبين الإسلاميين والليبراليين.. والجيش والشعب.. والثوار وجميع من كان فى مناصب سابقة فى الدولة حتى لو كان عاملا صغيرا فى مدرسة أو جامعة. ولذلك يحاول البعض منذ فترة أن يصطدم بالجيش أو يدخله فى معركة تسىء إليه.. وقد هدد البعض بذلك بصراحة ووضوح.
كل ذلك ناهيك عن الفخاخ الإعلامية التى تنصبها برامج التوك شو للإسلاميين ليتحدثوا رغما ًعن أنفهم فى قضايا يعرفون جميعا ً أنها لن تطبق فى المجتمع المصرى الحديث مثل قضايا الجزية وهل سينضم الأقباط إلى الجيش بعد وصولكم إلى الحكم ؟.. ولماذا ترفضون قبول رئيس مسيحى لمصر؟
والغريب أنهم يختارون عادة أضعف الدعاة والعلماء وأقلهم حكمة وكياسة.
وكل ذلك يثير قلقا ً دفينا ً لدى الأقباط على مستقبلهم السياسى ومدى نجاحهم فى الانتخابات المقبلة ويشعرون أن كعكة الحكم ستوزع على غيرهم.
ومن يتصور أن كل هذه المظاهرات والصدامات الدموية كانت من أجل بناء كنيسة صغيرة فى نجع صغير يمكن أن تبنى بالتفاهم والحوار.. فهو واهم وغافل عن حقيقة الأمر.
فالمشكلة الرئيسية ليست فى موضوع هذه الكنيسة أو غيرها من الكنائس من وجهة نظرى.. فليس الذين نظموا المظاهرة وخططوا لها بهذه السذاجة.. ولكنه القلق الدفين لدى بعض الأقباط على مدى مشاركتهم فى دفة الحكم بعد ثورة 25 يناير.
وكان ينبغى لهذا القلق المشروع أن يأخذ طريقه المشروع، فالقضايا العادلة لا تحل إلا بالطرق الحكيمة الوسطية العادلة.
فإذا حاولنا حلها بنوع من التطرف أو الاشتباك مع الجيش فإن ذلك سيضر القضية وأصحابها ويدخل هذه القضية فى نفق مظلم قد لا تخرج منه أبدا ً.. وسيكون الأقباط أقل من استفاد من تجربة صدام الإسلاميين مع الحكومة من قبل. إن المحاولات المتكررة من البعض بالاصطدام بالجيش لن تفيد الوطن.. وأظن أن أصحاب المحاولات السابقة هم الذين خدعوا بعض الأقباط بمحاولة الاصطدام بالجيش، فكانت هذه المأساة المروعة التى أضرت بالأقباط والجيش وكادت أن تحرق الوطن وأنا لا أتصور أبدا أن نحرق الوطن كله أو نمزقه من أجل بناء كنيسة أو مسجد.
فإذا ضاع الوطن لن يبقى لنا مسجد ولا كنيسة وقد نستيقظ لنجد جنديا ً أمريكيا ً أو غربيا ً فى بلادنا ليذيق المسلمين والمسيحيين الويلات ويحولهم جميعا ً عن دينهم فالفتنة الطائفية أخطر علينا من كل ابتلاء.
وإذا كان قانون العبادة الموحد سيريح الأقباط فأهلا ً به وسهلا ً فهو لن يضر المسلمين فى شىء بل قد يفيدهم لأن مساحة أى كنيسة أكبر من مساحة عشرات المساجد ولا يضير المسلمين شيئا بناء كنيسة أو عدة كنائس.
ولكنى أرى أن حل المشكلة الأساسية يكمن فى الآتى: وقف الاستقطابات الحادة بين أطراف المجتمع المصرى، طمأنة المسيحيين على دورهم فى المجتمع المصرى الذى سيتشكل بعد الثورة، قضايا الأقباط العادلة لن تحل بإراقة الدماء أو الغلو أو التطرف أو الاصطدام بالجيش وقتل جنوده ولكنها ستزيدها تعقيدا ً، وقف الكمائن الإعلامية المتعددة للإسلاميين والتى تهيج الأقباط، الاعتداء على الجيش أو الشرطة أو الحرق والتخريب خط أحمر لن يسمح الشعب فضلا ً عن الجيش بتجاوزه مهما كانت الظروف وأخيرا وقف المظاهرات الطائفية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة