نسير نحو الانتخابات البرلمانية القادمة كما يسير قطار مجنون بلا سائق أو عامل تحويلات، وتستطيع أن تقول أيضا إن الانتخابات البرلمانية القادمة ترتدى حزاما ناسفا، ونحن إلى حضنها ذاهبون لنرتمى.
المعطيات التى يطرحها الواقع تقول إن 3 أزمات خطيرة على الأقل تقف فى طريق الانتخابات، بل ربما تنسف الطريق إلى صندوق الانتخابات من أساسه، وهى كالتالى.
1 - الانفلات الأمنى.. وأنت لا تحتاج منى إلى أن أذكرك بوضع البلد الأمنى، ولا تحتاج رفقتى فى رحلة البحث عن السؤال الذى يقول: كيف يمكن لدولة غير قادرة على حماية مظاهرة أو منع سرقة السيارات فى عز الضهر أن تنجح فى تأمين عملية انتخابية اعتدنا أن يتسيدها البلطجية؟
2 - قانون العزل السياسى.. ربما نتفق معا حول ضرورة استبعاد الفاسدين من أعضاء الحزب الوطنى، أو النواب السابقين من الانتخابات القادمة أو من الحياة عموما، ولكن قبل الاتفاق لابد أن ندرك أن آلية تنفيذ ذلك كان لابد أن تكون أسرع، وأكثر حزما، وأكثر دقة، لأنه بعد فتح باب الترشح وسيطرة مرشحى الفلول أو الفاسدين على أيامه الأولى ستصبح عملية عزلهم مثل عملية خلع ضرس العقل، مصحوبة بكثير من الدم والألم.
3 - الشعارات الدينية.. لا شىء أخطر على الانتخابات القادمة من هذه الأزمة التى تتضخم فى هدوء وتستعد للانفجار فى أى وقت. دعك من فكرة استغلال الدين والتلاعب به وأنت تتحدث عن استخدام الشعارات الدينية فى الانتخابات، وركز كثيرا مع الكيفية التى تحولت بها الشعارات الدينية إلى لعبة تحدٍ، إما ينكسر فوقها القانون وهيبة الدولة وشكل العملية الديمقراطية الذى نحلم به إن نجحت الأحزاب الإسلامية فى فرض كلمتها ورفع شعاراتها الدينية، بالمخالفة لقانون مباشرة الحقوق السياسية، وإما تنكسر بسببها القوى الإسلامية إن نجحت الدولة والقوى السياسية الأخرى فى فرض القانون، وإجبار القوى الإسلامية على احترامه بالابتعاد عن شعار «الإسلام هو الحل»، أو ماقد يستجد اكتشافه واستخدامه فى دعاية بقية الأحزاب الدينية، مثل الأصالة، والبناء والتنمية، والنور.
معركة التحدى بدأت مبكرا بتأكيد المستشار عبد المعز إبراهيم، رئيس اللجنة العليا للانتخابات، على الحسم فى تطبيق قانون حظر الشعارات الدينية فى الانتخابات، وتلاها رد أكثر سخونة من جانب الإخوان الذين أكدوا أن شعار «الإسلام هو الحل» سيسبق مرشحيهم إلى منصات الترشح مهما حدث، فى تحدٍ واضح للقانون، وهو التحدى الذى اكتمل بتأكيد التيارات الإسلامية الأخرى على حريتها فى استخدام الشعارات الدينية المختلفة، ومن المتوقع أن تضع هذه الأحزاب الدولة فى مواجهة الشارع فى حالة لجوئها إلى استخدام بعض الآيات القرأنية والأحاديث، بما يعنى أن منع الدولة أو فرضها عقوبة على المرشح الذى يستخدم القرآن والسنة هو معاداة ورفض واضح لهما.
الكلام السابق ليس استباقا للتأكيد على فشل الانتخابات، ولا دعوة مبطنة لتأجيلها، ولكنه جرس إنذار يوقظك من الأحلام الأفلاطونية، ويؤكد أن المعركة القادمة معركة الاختيار بين احترام القوانين والتلذذ بانتهاكها، ووجود رغبة صادقة فى خلق أجواء نزيهة وديمقراطية لهذه الانتخابات التى نعلق عليها آمال انتشالنا من ضبابية المرحلة الانتقالية .. وبالمناسبة.. «الإيمان هو ما وقر فى القلب وصدقه العمل»، وليس ما رُفع على اللافتات، أو هُتف به فى الانتخابات.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة