اليوم تشهد نقابة الصحفيين المصريين أول انتخابات لها بعد ثورة 25 يناير، وربما من المرات القليلة جدا، أو ربما تكون المرة الأولى التى لايتنافس فيها مرشح حكومى على منصب النقيب، تحشد له الحكومة كل أجهزتها السياسية والخدمية بالترهيب والترغيب للفوز بالمنصب الذى اعتبره النظام السابق دائما رمزا لتحدى السلطة، فى حالة فوز مرشح غير حكومى به.
ففى آخر انتخابات للنقابة فى عهد النظام السابق، وقبل أن تبطل المحكمة الدستورية قانون النقابات المهنية رقم 100، احتشد الصحفيون الشرفاء خلف ممثل تيار الاستقلال على منصب النقيب الصديق والزميل ضياء رشوان الذى خاض انتخابات شرسة، ليس فقط ضد نقيب الحكومة، إنما ضد الحكومة نفسها التى أدار معركتها فى جولة الإعادة ضد ضياء وتيار الاستقلال، أمين التنظيم فى الحزب المنحل أحمد عز.
اليوم من حق نقابة الصحفيين أن تجعله عيدا لحرية الوطن، وحرية النقابة التى خاضت معارك شرسة ضد نظام مبارك فى سبيل حريتها واستقلالها، وحرية واستقلال المجتمع بأكمله، ولا ينسى أحد معركة القانون المشبوه رقم 93 لسنة 95 الذى تفاعل فيه الرأى العام كله مع الصحفيين الذين خاضوا واحدة من أشرف المعارك فى طريق الحرية، فلم تكن معركة فقط لإسقاط قانون يفرض قيودا على حرية الرأى والتعبير،إنما بداية معركة إرادة للتغيير والإصلاح فى المجتمع بأكمله،فلأول مرة وداخل حديقة المبنى القديم للنقابة يسمع الناس خارج أسوارها هتاف «يسقط يسقط حسنى مبارك». ويقرأ الرأى العام رسالة الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل للجمعية العمومية للنقابة وقتها، والتى وصف فيها نظام حسنى مبارك فى منتصف التسعينيات بأنه «سلطة شاخت فى مقاعدها»، وهو التوصيف الذى أزعج مبارك شخصيا.
انتخابات الصحفيين اليوم هى تكليل لكفاح استمر عشرات السنوات، حتى قامت الثورة وزال رموز النظام السابق، ولكن مازال المشوار طويلا فى مواجهة القضايا المزمنة التى تعانى منها، وأعتقد أن الوقت ملائم جدا لوضع خريطة لمستقبل مصر، ودستور يحفظ للصحافة حريتها واستقلالها، وتغيير القوانين المستبدة التى حكمت المهنة لعقود، ووضع مشروعات قوانين جديدة لإطلاق الحريات الصحفية، وتغيير أوضاع بانتزاع الحقوق وليس بـ«الشحاذة» واستعطاف السلطة، ووضع خطة لاستغلال موارد النقابة المهدرة ومستحقاتها الضائعة.
النقيب القادم الذى أتمنى أن يكون المناضل النقابى النبيل يحيى قلاش، تواجهه تحديات كثيرة وصعبة تحتاج إلى تضافر جميع الجهود معه.