تنفّس مئات الأسرى الفلسطينيين، أمس، هواء الحرية فى صفقة الإفراج عن الجندى الإسرائيلى الأسير منذ 5 سنوات جلعاد شاليط، مقابل 1026 أسيرا فلسطينيا، قضى بعضهم أكثر من 30 عاما فى غياهب سجون ومعتقلات العدو.
الصفقة التاريخية هى إنجاز وطنى ضخم على كل المستويات، وانتصار للطرف الفلسطينى والمصرى لا ينكره أحد، وهو رد اعتبار واجب لدور المخابرات المصرية العامة ورجالها الذين نفذوا وضمنوا الصفقة الكبرى، وعلى رأسهم الوزير اللواء مراد موافى، رئيس هذا الجهاز الوطنى الذى أساء لدوره النظام السابق، وحاول توريطه فى النزاع الفلسطينى الداخلى.
أن يخرج هذا العدد من الأسرى الفلسطينيين، ومن بينهم 27 أسيرة من سجون ومعتقلات العدو، أمر ليس هيناً، وأن يرضخ العدو لمطالب المقاومة بعد فشله على مدار 5 سنوات كاملة من تحرير شاليط سواء بالقوة أو بالوساطات، وأن تتحطم معايير الاحتلال وغطرسته فى التعامل مع قضية الأسرى طوال السنوات الماضية، فهذا وحده يكفى لمنح الطرف المصرى والفلسطينى شعورا كبيرا بالثقة فى النفس على الإنجاز إذا توافرت الإرادة، وإحساسا بنشوة الانتصار على العدو العنصرى الذى لا يعترف بغير لغة القوة والصلابة فى المقاومة والدفاع عن الحق.
أهمية هذه الصفقة أنها تأتى وسط متغيرات إقليمية كثيرة بعد الثورة المصرية والثورات العربية التى ترسم الآن خريطة جديدة للتوازنات الإستراتيجية فى المنطقة، وفى القلب من هذه الإستراتيجيات الدور المصرى الذى يستعيد بريقه وتوهجه من جديد، كما أنها تؤسس لمرحلة جديدة من العمل الوطنى لتحرير جميع السجون والمعتقلات الإسرائيلية من جميع الأسرى الفلسطينيين.
الأمر الثانى فى الأهمية أنها جاءت بعد فشل الوساطات الإنجليزية والألمانية بسبب صلابة المقاومة فى فرض شروطها، وتوافق ذلك مع نجاح الجانب المصرى فى استعادة دوره الطبيعى فى القضية الفلسطينية بعد ثورة يناير، وزيادة درجة المصداقية فى هذا الدور المصرى الذى يمكن أن ينعكس على مستقبل العلاقة مع حركة حماس وباقى الأطراف الفلسطينية، وهو ما بدا فى الاتصال الهاتفى بين أبومازن وخالد مشعل عقب الإعلان عن الصفقة.
الأمر الثالث أن 37 صفقة سابقة لم تخرج أسيراً واحداً من فلسطينيى القدس المحتلة أو من الأراضى المحتلة عام 48، ولم يكن متاحاً افتراض «حسن نوايا» العدو من جانب السلطة الفلسطينية التى لم تحرر سجيناً واحداً.