ثورة 25 يناير ثورة الشعب بأكمله لكن الشباب هو من فجرها وقادها، بينما لم ترحب بها الأحزاب أو جماعة الإخوان، والتحق بها السلفيون متأخرين وبعد طول تردد، بهذا المعنى فالثورة فى أحد تجلياتها رفض من الشباب لقادة الأحزاب والإخوان، ونقد لفكر ومنهج السلفيين.
ويبدو أن هذا الرفض يتعمق ويتسع مداه يوما بعد يوم، فمواقف ائتلافات شباب الثورة وشباب الإخوان والسلفيين والأحزاب تقترب من بعضها على قاعدة اتخاذ مواقف راديكالية من قرارات المجلس العسكرى، ومن مواقف الشيوخ الذين يقودون الأحزاب والإخوان والسلفيين، ما يكشف عن فجوات جيلية، وفكرية وسياسية، ومعرفية، وتعبر هذه الفجوات عن نفسها فى طموح الشباب ورغبته فى التغيير، ورفضه أو على الأقل تحفظه على مناورات جيل الآباء والأجداد وبرجماتيتهم التى تصل أحيانا إلى نوع من الانتهازية الفجة.
الشباب يحلم بمصر جديدة من الألف للياء، مصر ثورية تماما، والشيوخ أقرب من حيث العمر والفكر والخيال إلى الإصلاح المعتدل.. ورغم أن مصر الثورية عند شباب الإخوان تختلف عن مصر الثورية عند شباب القوى المدنية، أو الجماعات السلفية، إلا أن هناك مشتركات كثيرة بين حلم هؤلاء يمكن تنميتها على أرضية العمل المشترك من أجل مصر، بعيدا عن العقد أو الثارات التاريخية أو الأطر الأيديولوجية الجامدة التى تكبل عقل ووجدان دهاقنة السياسة.
أعتقد أن ما يعزز هذه المشتركات هو وجود فصيل رابع من الشباب ينتمى لحلم الثورة بدون أيديولوجية محددة لكنه لا يقل حماسا ووطنية عن الشباب المُسيس أو المنظم، إنهم الوافدون الجدد على السياسة والاهتمام بالعمل العام. والمفارقة أن هؤلاء الوافدين الجدد لا تتوافر لهم خبرات سياسية أو تنظيمية إلا أنهم طاقة دفع ثورى بالغة القوة والنقاء.
إن الشباب المصرى الثائر باختلاف مكوناته يستعمل بكفاءة وسائل التواصل الاجتماعى والميديا الجديدة فى الدعوة والحشد من أجل مظاهرات مليونية وأشكال متعددة من الاحتجاج ثبت جدواها فى حماية الثورة واستكمال أهدافها، والغريب أن دهاقنة الأحزاب والإخوان والسلفيين استفادوا من ثورية واندفاع الشباب فى أكثر من مناسبة، بما فى ذلك الأيام الأخيرة للثورة عندما ذهب كثير منهم للحوار والتفاوض مع عمر سليمان بينما الثوار فى الميدان بقيادة الشباب يصرون على رحيل مبارك وسليمان.
وتكررت اللعبة بعد ذلك فى عدة مليونيات حيث كان الشباب يدعو للتظاهر بينما دهاقنة السياسة يدعون للهدوء وإعطاء فرصة للمجلس العسكرى والحكومة لاستكمال المرحلة الانتقالية. وفى بعض المليونيات كان الدهاقنة يغيرون مواقفهم فى اللحظة الأخيرة ويشاركون لأن احتمالات نجاح المليونية بدت واضحة، وكانوا يظهرون فوق المنصات وأمام الكاميرات ويسارعون بالانسحاب عند المغرب.
ويبدو أن مشهد اندفاع الشباب للتظاهر، وخوف وتردد الدهاقنة السياسية - ومناورتهم الكاذبة بمقاطعة الانتخابات - تكرر بشكل ما يوم الجمعة الماضى وإن لم يخل الأمر من استفادة الدهاقنة.. أتمنى أن يتعمق وعى الشباب بلعبة الاستغلال والتوظيف التى يمارسها دهاقنة السياسة والإسلام السياسى فى مصر لمظاهرات الشباب، وأدعو الشباب لإسقاط وصايتهم، كما أدعوهم لخوض غمار السياسة بمعنى التواصل مع الناس فى أرض الواقع وحل مشاكلهم، وتشكيل أحزاب بفكر جديد، ولاشك أن هذا التحول سيمكن شباب الثورة من التحول من طاقة غضب واحتجاج إلى طاقة بناء، يمكن ساعتها أن تخوض الانتخابات بشكل مؤثر وفاعل.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة