كان غريبا أن تنشر الصحف والمواقع صورا لمؤتمر نظمه حزب النور السلفى تحت عنوان «المؤتمر النسائى الأول»، ووجه الغرابة هنا لم يكن فى لافتة الدعاية للمؤتمر التى جاءت باللون الفوشيا كنوع من زيادة التأكيد على نسائية المؤتمر، ولا فى تخصيص مكان مختلف للنساء اللاتى حضرن بالزى غير الإسلامى واعتبر الشيخ ياسر برهامى ذلك ردا على من يقول إنهم سيفرضون على المرأة النقاب بالقوة، داعيا الأخوات إلى تقديم النصيحة إلى هؤلاء المتبرجات لارتداء الحجاب.
الغرابة كلها لم تكن فيما سبق، بل كانت فى منصة المؤتمر التى خلت من أى عنصر نسائى واقتصرت على ثلاثة متحدثين من الرجال هم الشيخ ياسر برهامى والشيخ حازم شومان والشيخ عماد عبدالغفور رئيس الحزب.
لا تجتهد فى البحث عن تفسير لفكرة خلو منصة المتحدثين فى مؤتمر نسائى من النساء، لأن أحداث المؤتمر الذى عقد فى الإسكندرية منذ أيام كفيلة بأن تفسر لك ما يجعلك تقتنع بألا تسأل عن أشياء إن بدت لك ستسوؤك، وأول هذه الأشياء يمكن استخلاصها من تصريح للشيخ برهامى قال فيه بالنص: «لا يجوز للمرأة أن تكون نائبة لأنه نوع من الولاية، ولكن فرض علينا وضع المرأة فى القوائم الحزبية».
أى مؤتمر نسائى إذن وقد خلت المنصة منهن، ولم تشهد تفاصيل المؤتمر كلمة أو مداخلة للحضور التى بلغت أعدادهن حوالى 700 أغلبهن من المنتقبات، أى مشاركة نسائية فى الحياة السياسية أراد حزب النور أن يناقشها ويروج لها، والحزب نفسه حرم النساء من المشاركة فى المؤتمر الذى عقد لمناقشة مشاكلهن، وانتظرنا جميعا بلهفة أن تطل علينا نساء التيار الإسلامى بما فى عقولهن من معرفة وفى قلوبهن من إخلاص، ففوجئنا بحزب النور يفرض عليهن الاكتفاء بالتمثيل المشرف، أى مشاركة برلمانية للمرأة يتحدث عنها قيادات حزب النور السلفى وهم الذين رفضوا أن يظهر صوت للمرأة فى مؤتمرهم المصغر، وهل يتخيل قيادات حزب النور أن الشارع السياسى قد يقبل نائبة صامتة فى البرلمان؟! أم أنهن سيعتمدن على الكلام بالإشارة؟!
لا أقصد السخرية على الإطلاق، ولست ضد حزب النور السلفى فهو على الأقل أنشط وأكثر إخلاصا وتنظيما فى حركته وخططه من بعض الأحزاب التى ترفع راية الليبرالية والنظام دون أن تقدم لهذا الوطن أى شىء، ولكن إخلاص القائمين على حزب النور السلفى لقضيتهم أيا كان اختلافنا أو اتفاقنا معها لا يعنى أبدا أن نقبل بأمور اللف والدوران والمحاولات الديكورية لتحسين صورة الحزب فى مسألة مشاركة المرأة والفن وموقع الأقباط فى الحياة السياسية، لا نقبل أبدا أن يخبرنا أحدهم أنه مع مشاركة المرأة فى البرلمان ثم نفاجأ بأنه يبحث لها عن مشاركة صامتة من وراء حجب، ولا نقبل أبدا أن ينظم أحدهم مؤتمرا ضخما تحت عنوان المؤتمر النسائى الأول وتقتصر المشاركة النسائية فى المؤتمر على اللون الفوشيا الذى زين لوحة الإعلان عن المؤتمر، ليس فقط لأن الخدعة مكشوفة ومضحكة، ولكن لأنها تشبه إلى حد كبير ماكان يفعله نظام مبارك حينما أسس عددا من الأحزاب الديكورية واستخدمهم كخيالات مأتة ليهش بها كل من يحدثه عن الديمقراطية والتعددية والحرية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة