أحاول أن أكون صادقاً بقدر الإمكان حينما أتحدث عن قناعتى فى حق جماعة الإخوان المسلمين فى ممارسة العمل السياسى، "وليس الدعوى" بشكل كامل، فهى الديمقراطية، لعنها الله، تفرض علينا عدم الإقصاء والتهميش، حتى ولو كانت النتيجة فشل ثورة وضياع حلم جيل بأكمله.
لكن أكثر ما ينشر الغيظ والحسرة أن يتحول الإخوان من فصيل دينى يسعى لسلطة دنيوية، إلى ميكروب يفصل الجسد عن الرأس، وأداة للتفريق بين الأحزاب المتزوجة شرعياً فى تحالفات، "حتى وإن كانت مشوهة"، ويفعلون معها مثلما فعلوا بالثورة، رفضوها ثم ركبوا عليها ثم خانوها، حتى السلفيين إخوانهم فى "المصلحة" باعوهم فى أول بادرة فوز ورفضوا أن يمنحوهم الذى يرتضونه من الصفقة.
دفاعى عن التحالفات هنا ينبع من ثقتى بأنها كانت الوسيلة الوحيدة لكسر شوكة عواجيز الفرح وقصف رقبتهم بدلاً مما يفعلون الآن من استهزاء على الثورة وتحسر على عصر الطغيان وإبداء شوق قبيح لأيام الظلم، وربما لا تقع المسئولية فى تفتت تلك التحالفات على داء "الإخوان"، فهذه الأحزاب تثبت كل يوم أنها مثل الابن الفاسد مهما وضعت ثقتك فيه يثبت لك أنه أكبر خطأ فى حياتك، بينما تبقى مسئولية من كانوا يتباهون بأنهم "شباب الثورة"، فلولا خلافهم وتقاتلهم على الائتلافات، ما أصبحنا فى هذا الوضع المثير للغثيان – فلول قادمون وثورة تموت - وبدلاً من تبجحهم على بعضهم البعض فى الفضائيات كان أولى بهم أن يبحثوا عن مسار سياسى معين يستكملون عبره نضالهم.
أما عن حزب الوفد، فحدث ولا حرج، فقد أصبح الحزب الوحيد الذى يعادى نفسه ويمحو تاريخه بيديه ويتجه بسرعة نحو الانتحار، لمجرد أنه أصبح أداة فى يد الإخوان ويسعى لجمع الفتات من بعدهم، وكان فى التحالف مثل الفريسة التى تجرى نحو التحالف ويجرى خلفها كل الأحزاب حتى وقعوا جميعا فى المصيدة، ولمَ لا والحزب العريق قد وقع فيها أولاً، وحتى عندما حاول أن يتملص أصابه الله بداء الفلول والدخلاء.
نحن قوم لا تعيش لنا تحالفات سياسية لأنها شراكة لا تحتمل رائحة الخيانة، وحدها فقط التحالفات المادية هى التى تستمر فى هذا البلد، بدليل أن كثيراً من رؤساء ومؤسسى الأحزاب "الفاشلة" رجال أعمال ناجحون، بينما إنجازاتهم السياسية لا تساوى ثمن الحبر الذى ننتقدهم به، فماذا بقى الآن للتحالف الديمقراطى أو حتى الكتلة المصرية حتى يراهنوا به على المستقبل، إنهم فشلوا حتى فى تقديم مرشحيهم بشكل محترم فماذا سيفعلون فى الشارع.. اللهم أهلك التحالف والمتحالفين وخلصنا من المنتفعين.