كاد اللواء محمد العصار، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، يصرخ حينما قال فى حواره للأستاذ إبراهيم عيسى والإعلامية منى الشاذلى: «هناك أعداء للثورة.. هناك أعداء للثورة..
هناك أعداء للثورة»، مؤكدا أن هؤلاء الأعداء هم سبب كل البلاوى، ونحن نعرف أن هناك أعداء للثورة، ونكاد نبصم له بالعشرة تأكيدا على ما أكد عليه، لكن السؤال الملح هنا هو ماذا فعل المجلس العسكرى لمجابهتهم؟ وهل استخدم المجلس قوته الجبارة وصلاحياته المطلقة للوقوف أمام هؤلاء الأعداء أم أنه فعل عكس ذلك تماما واستخدم عصاه الغليظة لإجهاض روح الثورة وإجهاد شبابها؟
العكس هو الصحيح يا سيادة اللواء، وإن كنتم مؤمنين فعلا بالثورة وشرعيتها فعلى الأقل أظهروا لنا «أمارة» على هذا الإيمان، فقد عرَف رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم معنى الإيمان بأنه ما وقر فى القلب وصدقه العمل، ولم يقل إنه «ما وقر فى اللسان وكذبه العمل»، وللأسف فإن ما ظهر إلى الآن لا ينبئ بما قلته سيادتكم، فالمجلس العسكرى هو من اتهم «6 أبريل» بالعمالة ولم يأت بدليل على كلامه، والمجلس أيضا هو من ترك أبناء مبارك يضربون أهالى الشهداء المرة بعد المرة دون أن يفعل لهم شيئا، والمجلس أيضا هو من تفرغ لغلق القنوات الفضائية التى تنقل الحدث بموضوعية، وهو من ضيق على المذيعين والمذيعات الذين يجرون حواراتهم بمهنية، وفى الوقت ذاته ترك تلك الدكاكين المسماة زورا بالقنوات الفضائية تهاجم الثورة وشبابها وتطلق حولهم الإشاعات وتكيل لهم الاتهامات، ووصل الأمر ببعضها كما فعل توفيق عكاشة فى قناة الفراعين إلى سب أحد المذيعين المحسوبين على الثورة بأنه «قواد»، فكيف يكون ذلك كذلك؟
على ذكر أعداء الثورة أيضا فأرجو أن يقول لنا السيد اللواء العصار لماذا اعتقل الشاب على الحلبى وهو لم يفعل شيئا غير ممارسة حقه الطبيعى فى التعبير عن رأيه بالرسم على الحوائط، وما الذى ضايق المجلس فى أن يرسم أشكالا تعبيرية لتوعية الناس بالانتخابات وحثهم على عدم انتخاب فلول الحزب الوطنى فى الانتخابات القادمة، وهل يعتبر المجلس هذه الأفعال معادية للثورة لذلك حرمها على الحلبى وأحاله إلى محاكمة عسكرية؟ ولماذا يترك المجلس أعداء الثورة الحقيقيين ينفثون السم فى جسد مصر دون محاكمات؟
وبمناسبة «أعداء الثورة» أيضا، فبماذا يفسر المجلس العسكرى منع المذيع الشهير يسرى فودة من إجراء حواره المنتظر مع الكاتب والروائى علاء الأسوانى، وهو أحد أبرز وجوه الثورة المصرية، ولماذا تتكرر هذه الممنوعات كل يوم ويقف المجلس بأدواته القمعية أمام الثوار ومدعميهم بينما يحتضن أحد أعضاء المجلس العسكرى أحد أبناء مبارك ويصفه بأنه «ابنه»؟
معروف أن العداوة ثلاثة أنواع، مُعاداة باليد، وأخرى باللسان، وثالثة بالصمت، وفى الوقت الذى يهاجم فيه المجلس العسكرى «أعداء الثورة» يقوم «مصادفة» بممارسة الأنواع الثلاثة لمعاداة الثورة، فيعتقل الثوار ويعذبهم بيده، ويكيل لهم الاتهامات بلسانه، ويصمت عن تعرضهم للإيذاء من أعداء الثورة الحقيقيين، فرجاء احترام عقولنا بعض الشىء إن كنتم لا تنون الكف عن هذه التصرفات، أو كفوا عن هذه التصرفات كلية لكى لا يقع المجلس العسكرى فى فخ الكذب على شعب مصر العظيم.