عادل السنهورى

ليبيا الجديدة

السبت، 22 أكتوبر 2011 08:03 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من حق الأشقاء فى ليبيا أن يفرحوا كثيرا ويبتهجوا كثيرا، فقد طويت أكثر صفحات التاريخ غموضا وغرابة، انتهت أسطورة القذافى «عميد الطغاة العرب» نهاية دموية مثيرة مثل سنوات حكمه الـ42 تاهت فيها ليبيا فى دروب الفوضى والجنون ونزق الشهوات السياسية والمغامرات العبثية فى كل اتجاه دون هدف.

أضاع القذافى ليبيا وهويتها وبدد ثرواتها وزيف تاريخها من أجل مجده وجنون عظمته.. لم ير فى ليبيا سواه، فقد كان هو ليبيا وليبيا هو.. هو الشعب والقائد والزعيم والملهم والملك والسلطان.. مصير الدولة بين أصابعه وحدودها ملامح جسده ونظرات عينيه البلهاء الساذجة التى كان يحدق بها فى اللا شىء، فى المجهول الذى فرضه على ليبيا ما يقرب من 5 عقود، لم ير العالم فى ليبيا سوى القذافى وحده وأبنائه الموتورين.

طوال فترات حكمه لم نحتف بمبدع أو مفكر أو عالم، كان هو كل شىء، الحكيم والمفكر والمؤلف لنظريات ساذجة عبيطة غريبة الأطوار مثله وآراء وإبداعات لا ينطق بها إلا القذافى نفسه، فتحول إلى مشهد كوميدى ينتظره العرب والعالم فى كل اجتماع أو مؤتمر.

خارج ليبيا لم يتصور أحد أن هذا الشعب العظيم الذى ناضل وضحى بالكثير من أجل حريته واستقلاله من الاستعمار الإيطالى يمكن أن ينتج مبدعين ومفكرين وعلماء وسياسيين فاعلين فى قضايا أمتهم العربية، كأن الشعب الليبى كان شعبا من الموات المنسحقين، المسلوبى الإرادة، السائرين نياما. كنا نندهش ونحتفى ونفرح كثيرا من ظهور كاتب أو أديب ليبى فى مناسبة أو احتفالية وفى داخلنا شكوك وتساؤلات عن خروج مبدع مثل إبراهيم الكونى مثلا من ليبيا القذافى.

ليبيا اليوم تصنع تاريخا جديدا لمرحلة ما بعد القذافى، انتهى الثوار الأبطال من الجهاد الأكبر الذى بدأ من مارس الماضى وحتى لحظة مقتل الديكتاتور، وأمامهم الآن مشوار طويل من الجهاد الأعظم من البناء والتأسيس لليبيا الحرة الديمقراطية، أمام الثوار والمجلس الانتقالى بعد انتهاء مرحلة حمل السلاح، تحديات كثيرة فى مرحلة الحسم والعمل السياسى الشاق. التسامح والمغفرة ونسيان الماضى بعذاباته وجراحه هى البداية الحقيقية فى البناء الديمقراطى، الحوار البناء الآن هو المفيد والمجدى لحسم أمور كثيرة فى ليبيا الجديدة فى مقدمتها مسألة السلاح المنتشر فى أيدى الثوار والاتفاق على تشكيل حكومة ممثلة ومعبرة تعبيرا حقيقيا عن كل أطياف الشعب.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة