هربت أسرة الرئيس الليبى معمر القذافى إلى الجزائر قبل أن يتم قتله، وقتل ولداه سيف العرب والمعتصم وثلاثة من أحفاده، وفى عام 2003 رحلت زوجة الرئيس العراقى صدام حسين وابنتاه إلى الأردن، ومات ولداه عدى وقصى وحفيده مصطفى ابن قصى، فى معركة ضارية مع الاحتلال الأمريكى.
من هذه الدراما فى الرحيل والموت، ربما يطوف بأذهاننا تصورات عن اللحظة التى يتم فيها قرار الرؤساء, خاصة الطغاة منهم بترحيل أسرهم بعيدا عنهم، ماذا يقولون حينها؟، وكيف تكون لحظة الوداع؟، وهل يشعرون بأن هذه اللحظة ربما هى اللقاء الأخير؟، وهل ينتصر عندهم عطف الأبوة على وجاهة الرئاسة، وهل يتحدثون مع ذويهم بأمل: «إلى لقاء قريب»؟.
كانت دراما أسرة صدام مفتتحا لمصائر أسر رؤساء عرب، ستثور عليهم شعوبهم، فالشعب المصرى خلع رئيسه حسنى مبارك، ليعيش محاصرا بين الجدران، منتظرا مصيره بالإعدام أو السجن، وفى السجن أيضا ولداه جمال وعلاء، وفى الفضاء الخارجى تعيش أسرة الاثنين تنتظران مصير أربابهما، وخلع الشعب التونسى رئيسه زين العابدين، الذى هرب إلى السعودية، لكنه كان أحسن حظا من القذافى وصدام ومبارك فى مصير فلذات كبده، حيث اصطحب ابنه الوحيد معه، أما ابنتاه فكانتا وقت خلعه فى كندا، وفى قائمة الانتظار الرئيس اليمنى على عبدالله وأسرته، والسورى بشار الأسد وأسرته.
مصير أبناء الرؤساء هو العنوان الرئيسى لحقبة عربية، عمل فيها رؤساء عرب كل جهدهم من أجل توريث الحكم لأبنائهم، وتوهموا أن شعوبهم سيأكلون هذه الطبخة بشهية، وقاد هذا الوهم إلى مزيد من استبداد الرؤساء، مما أدى إلى دق طرق سهلة تسير عليها جحافل الغضب ضد الأبناء، فتشرد بعضهم، وتم قتل البعض الآخر.
فى عام 1999، ذهبت إلى الرئيس السودانى الراحل جعفر النميرى لحوار صحفى معه، فى فيلا رئاسية منحتها له مصر بعد الانقلاب عليه، وخلعه من الحكم، وطال الحوار بنا، وكلما كنت أتهيأ للاستئذان، يحثنى على الجلوس: «استمر، لا شىء يشغلنى، لا حكم ولا غيره»، ولما خرجت سألت سكرتيره الخاص: «هل يسأل أبناؤه عنه»؟، فرد: «الرئيس ليس له أبناء لهذا تجده أكثر هدوءا؟»، فماذا لو كان هؤلاء بلا أبناء مثل النميرى؟.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة