المحامون عزموا على مسيرة بالأرواب السوداء، وهددوا بإغلاق واقتحام المحاكم، ولوحوا بتدويل الأزمة والإضراب الشامل عن التقاضى، وطالبوا بتجميد قانون السلطة القضائية.. والقضاة مصرون على إصدار القانون، وقرروا تعليق العمل فى المحاكم، واعتبروا ما يقوم به المحامون «جريمة» يعاقب عليها قانون العقوبات، وأعلنوا أنه لا حصانة للمحامين فى القانون المقترح.
التصعيد مستمر، والأزمة تزداد اشتعالا، والهوة تتسع بين جناحى العدالة فى مصر القائمين على إقرار العدل والسهر على تطبيق القانون ورفع المظالم عن الناس.
ومعركة قانون السلطة القضائية تبدو سحبها السوداء تزداد قتامة فى غياب صوت العقل ولغة الحوار بين شركاء العدالة،، والحكومة تتفرج، والمجلس العسكرى يشاهد فى صمت، وحكماء الطرفين غائبون عن نزع فتيل الأزمة العاصفة.
كل طرف من أطراف النزاع سواء القضاة أو المحامون يبدو للرأى العام أنه غير معنى بالمصلحة العامة ومصالح الناس، فغلق المحاكم والتهديد بتعليق العمل فيها ومنع القضاة من ممارسة أعمالهم كارثة للوطن وتعطيل لمصالح الملايين من الناس، ورسالة سلبية لباقى فئات المجتمع، فإذا كانت النخبة المثقفة فيه المفترض فيها أنها تقوم بحراسة القانون والإعلاء من قيمته وشأنه والاحتكام إليه فى كل أزمة وخلاف، تتظاهر، وتهدد بغلق المحاكم، وتوقف مسيرة العمل داخلها، فهل نلوم كل من يقوم بمظاهرة فئوية من العمال أو الموظفين أو أصحاب المطالب الأخرى ونطالبهم بوقف التظاهر والاحتجاج؟
إذا كان أصل الأزمة فى المادة «18» التى أثارت هلع وخوف المحامين واعتبروها اعتداءً صارخا عليهم، وعلى حصانة الدفاع داخل قاعات المحاكم، لأنها تجيز للقاضى حبس أى شخص يخل بنظام الجلسة دون تخصيص، بمن فيهم المحامون، فلماذا العناد فى نزع الفتيل وعدم التحاور بشأنها؟ ولماذا يتم وضع قانون خاص بالقضاء فى مصر دون حوار مشترك مع الأطراف المعنية الأخرى؟ وهو الفريضة الغائبة فى الأزمة، فالقانون لا يخص القضاة وحدهم وإنما يختص بمنظومة القضاء الشاملة فى مصر سواء القضاة أو المحامون أو العاملون بأجهزة العدل الأخرى، وبمصالح الناس فى الأخير، وهذا هو المهم.
الصراع غير المبرر والأزمة المشتعلة بلا معنى فى هذا التوقيت الذى من الواجب الوطنى أن يلتف الجميع لدعم العملية السياسية فى الظرف الحرج الحالى، لا نتمنى أن تستمر حتى تصل الى مرحلة الثأر والانتقام، والتغاضى عن فضيلة الحوار والمراجعة.. والاعتذار.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة