كأن الإسلاميين ليسوا من البشر ولا أمناء على مصالح الناس، وكأنهم حرامية ديمقراطية، الجميع يحذرون منهم، يرهبون الناس من وصولهم إلى السلطة، يرتعدون خوفا من ارتقاء أحد منهم كرسى الرئاسة أو الوصول إلى عتبة البرلمان، يحذرون من التصويت لأى مرشح ينتمى لجماعة دينية، لا إخوان ولا جماعة إسلامية ولا حتى إسلامى مستقل، فكل الإسلاميين مسجلون ومطالبون بفيش وتشبيه شخصى وسياسى قبل السماح لهم بخوض أية معركة انتخابية قادمة، مطلوب منهم التبرؤ من الدين الذى يعتنقونه، مطلوب منهم قسما أخيرا على المصحف أن يتركوه على باب أى منصب يصلون إليه.
من يدَّعون الليبرالية يطلقون الحرب الشرسة ضد كل من كان منتميا لتيار إسلامى، يعتبرونه خارج الناموس البشرى، لا أمان له ولا ضمان، يرونه قاتلا محترفا للدولة المدنية، عشماوى الذى سيلف حبل المشنقة حول عنق الديمقراطية.
حتى الآن لم نسمع صوت العقل الذى يتعامل مع المرشحين الإسلاميين بنفس قواعد التعامل مع غيرهم بلا تخويف ولا ترهيب ولا تهديد.
حتى الآن لا نسمع إلا أصوات تؤذن بالحرب ضد كل من يجرؤ من الإسلاميين على خوض الانتخابات أو الدخول فى معترك السياسة.
لم يكلف واحد من الليبراليين نفسه، مؤنة الدفاع عن حقهم كمواطنين أصلاء، وليسوا مزدوجى الجنسية أو الولاء، فى التنافس والترشح لأى منصب فى مصر.
لم يخرج علينا واحد من الحادبين على دولة المواطنة ليقول: إن أدنى حقوق المواطنة أن نمنح الفرصة لهؤلاء ليقول المواطن كلمته فيهم مثل غيرهم.
لم يجرؤ واحد من مدعى الإيمان بالديمقراطية أن يذكر نفسه قبل غيره، أن الصندوق هو الحكم ومن يطالب بالاحتكام إلى الصندوق عليه أن يرتضى حكمه.
يقينا الإسلاميون ليسوا ملائكة على الأرض، لكنهم أيضا ليسوا شياطين سياسة ولا هم أعداء الديمقراطية، هم مثل غيرهم، منهم الصالح ومنهم الطالح، منهم من يؤمن بالديمقراطية ولا يقبل الخروج عليها ومنهم من يراها غير ذلك، منهم من يبغى الإصلاح ومنهم من يبغى الرجوع بالبلاد إلى الخلف، والطبيعى أن نعاملهم مثلما نعامل الآخرين، الأحكام المطلقة لا تصلح فى هذا الزمان والتخويف من كل من هو إسلامى لا يلقى قبولا بين الناس، بل يلقى مزيد من القلق على الجمهورية الجديدة، فالمصريون، مسلمون ومسيحيون، يسكن الدين قلوبهم ولا يتحملون الانقلاب عليه ولا الخروج على مبادئه.
الأفضل بدلا من شن الحملات الكاذبة ضد كل ما هو إسلامى وعد الأنفاس عليهم، أن نرتضى التنافس معهم، أن نحفز الجميع، إسلاميين وليبراليين ويسار ومستقلين، أن يخوضوا المعركة الانتخابية باحترام، لا يستخدمون أسلحة الطائفية ولا يلعبون على أوتار الدين والعصبية، علينا أن نجبرهم بالقانون على خوض المعركة الانتخابية بوسائل سياسية وليست دينية، ويدركون أن خصومهم مواطنون وليسوا متآمرين ولا صهاينة، أن نلزمهم بأن يخرجوا للناخبين برامجهم وليس سيوفهم ولا خناجرهم، من يقنع الناخب يستحق صوته، من يمتلك برامج وأفكارا حقيقية تخدم الناس هم الأولى بالنجاح، علينا أن نرسخ فى المجتمع ثقافة الديمقراطية الحقيقية، التى تقوم على أنه فى الانتخابات لا فضل لإسلامى على ليبرالى إلا بالبرامج، وفى ذلك فليتنافس المتنافسون، والحكم فى النهاية للناخبين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة