حين اختار الصحفيون يحيى قلاش عضوًا فى مجلس نقابة الصحفيين لأول مرة عام 1995، كان لهذا الاختيار دلالات عميقة، أهمها أنه كان نبضًا جديدًا وقتئذ، ورائعًا لتيار الاستقلال النقابى، الذى كان يخوض معاركه الضارية ضد هيمنة نظام مبارك على النقابة، من خلال لعبة تولى رؤساء مجالس إدارات وتحرير الصحف «القومية» رئاسة النقابة، وكان بطلا هذه اللعبة إبراهيم نافع ومكرم محمد أحمد، واستمرت منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضى، حتى كسرها جلال عارف عام 2004، ثم كانت العودة إلى اللعبة نفسها مع مكرم محمد أحمد.
خاض تيار الاستقلال النقابى معاركه وسط صعوبات بالغة، لاستخدام النظام السابق كل أساليب الرشوة لسرقة أصوات الصحفيين، وكان صفوت الشريف مهندسها الكبير، ونتج عن ذلك عرف انتخابى غير عادل، يقوم على انتخاب نقيب حكومى، ومجلس أغلبه من المعارضة، وساهم هذا العرف غير البرىء فى خلق مخارج آمنة لبعض الرموز الصحفية ممن خاضوا حياتهم من أجل استقلال النقابة والارتقاء بالمهنة، للانضمام إلى صفوف «النقيب الحكومى»، وأدى ذلك إلى تسلل أمراض عظيمة للخريطة الانتخابية، سربت قدرًا كبيرًا من اليأس والإحباط لعودة النقابة إلى سابق عهدها.
كان يحيى قلاش وظل فى قلب تيار الاستقلال النقابى وأحد رموزه الحقيقيين، ولم ينخدع كغيره فى لعبة «نقيب حكومى ومجلس معارض»، وظل مناديًا بالتغيير ويعمل من أجله بكل ما أوتى من قوة، مزودًا فى ذلك بإرادة فولاذية، وكنت إن قابلته فى عز الإحباط واليأس لا تجد إلا الحث منه على الاستمرار، قائلاً: «هذا قدرنا ولابد أن ندفع ثمن اختيارنا»، وأثناء توليه مهمة سكرتير عام النقابة، كان الصحفيون يشعرون بقيمة هذا المنصب، بدءًا من حرصه الشديد على إخضاع إدارتها لإنهاء خدمات الصحفى بيسر، ومرورًا بتليفونه المفتوح دائمًا لاستقبال أى شكوى، وانتهاء بتواجده الدائم مع أى صحفى فى أى قضية خلافية مع إدارته أو مع جهات أمنية، ولم يكن هذا جديدًا عليه، فهو هكذا فى النقابة وخارجها.
يحيى قلاش ليس مرشحًا مزودًا بجاه منصب رئيس مؤسسة صحفية، وإنما مرشح يمتلك ضميره النقى، وبتراث نضال نقابى رائع لتيار الاستقلال الذى بشر من سنوات لثورة 25 يناير.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة