أهل الدين هم الأجدر بالتقوى، وهم المثل فى الأخلاق والسلوك القويم، لأنهم الأعلم بمعنى كلام الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق». وفى القرآن آية يعلم مقدارها ذوو التقوى والصلاح، وهى: «أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب». وهى موجهة لهؤلاء الذين يتشدقون بوعظ الخلق وحث الناس على العمل الصالح وهم أبعد عن تعاليم الدين التى تلهج بها ألسنتهم وحناجرهم دون قلوبهم ومسلكهم، لأن الله لا ينظر إلى صورنا كما يقول الحديث القدسى، بل إلى قلوبنا وأعمالنا، ولذلك، ومن خلال تجربتى واقترابى سنوات من عمرى من رجال الدين ورموز الدعاة، وانخراطى فترة من سنوات الدراسة بين الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية، رأيت العجب العجاب، ووجدت الذين يخلصون للدعوة دون عرض الدنيا ومغرياتها قليلون، رأيت الزاهدين فى متاعها ندرة، بينما المتكالبون عليها كثر، وهو ما أراه هذه الأيام من «الدعاة الكاجول» وأئمة ووعاظ الفضائيات، ولعمرى فإننى أرى بعض المتكلمين فى الدين يرتدون أقنعة تتبدل حسب المواقف والمصالح، وفى بعض الجلسات وجدت نجوم الفضائيات يتحدثون مع رجال أعمال وساسة فى البيزنس والصفقات وكأنهم وكلاء الشيطان، أحدهم ملء السمع والبصر ولا يتورع عن أن يصطاد الفتيات الشاكيات له مشاكلهن أو الزوجات المسترشدات برأيه ويستغلهن فى علاقات أقل وصف لها أنها غير مشروعة، وغيره يسأل عن البنكنوت قبل أن يقول فتواه أو رأيه، وغيره أدخل عائلته فى بيزنس الدين بحيث صار أقل واحد فيهم ملياردير سواء من الكتب أو السيديهات أو الفضائيات أو شركات الاتصالات، لذلك صار الدين تجارة، والدعوة صفقات وبيزنس لدى هؤلاء، ولا شك أن التعميم عمى وضلال، لذلك أجد أن هناك أقلية رحمها ربى واعتصمت بحبل الله وجعلت الدنيا فى يدها لا قلبها، هؤلاء هم المعتدلون الوسطيون، ومنهم شيخ الأزهر الشيخ أحمد الطيب، الذى أجده رجل هذا الزمان، وعليه العبء والمحك والمسؤولية، ومن يقرأ الوثيقة التى أصدرها يجدها مخرجًا لإشكاليات عديدة، وضعتنا فيها قوى الإسلام السياسى من إخوان وسلفيين وجماعة إسلامية، ولكن هؤلاء لا يلتفتون لشىء لم تصنعه أيديهم، وكل همهم الآن البرلمان والتهام كعكة السلطة بعد الثورة، والتى من مظاهر الانفلات الدينى فيها ما حدث فى بورسعيد من ضرب المفتى الشيخ على جمعة، وهو رمز معتدل ووجه وسطى لم يقدر مقامه أو سنه هذا الشاب الذى كفره فى المسجد، رغم أن الحديث ينهانا عن تكفير بعضنا حتى «لا يبوء أحدهما بها»، ومؤخرًا شن الشيخ الحوينى من مسجده بكفر الشيخ حملة ضد المفتى - اعتبرها الأخير سبّا وقذفًا فى شخصه - ما جعله يرفع دعوى قضائية عليه وانتظر حكم القضاء، فماذا فعل السلفيون من أنصار الحوينى؟ ذهبوا بمظاهرات عارمة للمحكمة ليؤثروا على القاضى والمحكمة، بالذمة ده كلام، هل هذه هى مكارم الأخلاق؟ وكيف يستقيم العدل فى ظل هذه الغوغائية؟ يارب رحمتك وسترك ورضاك.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة