كل المؤشرات تؤكد أن الشعب التونسى فى طريق الوصول بثورة الياسمين إلى مرافئ السلام والأمان. مشاهد الإقبال على اللجان فى كل أنحاء تونس تؤكد أن الشعب يدق بالأكف بشدة على أبواب المستقبل لرسم حياة جديدة فى يوم تاريخى هو ضربة البداية لثورات الربيع العربى فى أول انتخابات حرة ستكون نموذجا ومعيارا حقيقيا للديمقراطية العربية. فمثلما كانت تونس هى الشرارة الأولى لثورات الشعوب العربية فى مصر وليبيا واليمن وسوريا، فسوف تكون انتخاباتها المثل والنموذج لباقى التجارب الانتخابية فى مسار التحول الديمقراطى السلمى. فحالة الإصرار لدى الشعب التونسى فى تحمل مسؤوليته التاريخية وحماية ثورته دفعته إلى الإقبال بشكل مذهل على صناديق الاقتراع لاختيار نوابه فى المجلس الوطنى التأسيسى الأول بعد الثورة لصياغة دستور جديد بدلا من دستور «بن على» الذى وضعه ترزية القوانين فى عهده لترسيخ سلطاته وإحكامه على كل مقاليد السلطة فى البلاد، ثم يتم تشكيل حكومة مؤقتة تمهد لإجراء الانتخابات الرئاسية.
التخوفات التى أشاعها البعض من حدوث أعمال بلطجة وعنف لإفساد مسار العملية الانتخابية لم تحدث حتى اللحظة، فقد مرت الانتخابات بأمان فى حراسة قوات الجيش والشرطة معا فى كل أقاليم تونس، ولم تنجح محاولات الفلول من حزب بن على فى ترهيب الناس وتخويفهم من الخروج للتصويت فى يوم عرس الثورة التونسية.
التجربة التونسية بداية ناجحة، برغم بعض الملاحظات، للتجربة الانتخابية القادمة فى مصر، ولسنا أقل حرصا من تونس الشقيقة ومن شعبها على إنجاح أول انتخابات حرة بعد ثورة يناير، والعمل على الوصول بأهداف الثورة إلى شاطئ السلام المنشود للحياة الديمقراطية السليمة والعدالة الاجتماعية.
وسواء جاءت النتائج فى الانتخابات التونسية لصالح الإسلاميين ممثلا فى حزب النهضة أو لصالح باقى الأحزاب الليبرالية والعلمانية، فإن أى نتيجة ستفرزها الانتخابات ستعبر عن إرادة الشعب التونسى واختياره فيمن سيحكمه فى سنوات ما بعد الثورة، وفيمن سيأتمنه على مستقبله من بين أكثر من 10 آلاف مرشح يمثلون نحو 100 حزب سياسى، يتنافسون على 217 مقعدا فى المجلس التأسيسى.
الحزب القادم للحكم أو الائتلاف إذا كان سيشكل غالبيته الإسلاميين فيجب ألا يخيف أحدا، طالما إن هناك مبادئ عامة ونصوصا واضحة تؤكد على هوية الدولة الديمقراطية الحديثة، وعلى الحرية والمساواة فى الحقوق والواجبات.