من أكثر الصور المبهجة لمصر ما بعد يناير هى صورة مرشحى الرئاسة وهم مجتمعون يناقشون قضايا الوطن ويحددون مواقفهم الديمقراطية من مجريات الأحداث، فى اجتماعهم وتشاورهم يعكسون شكل مصر المتحضر، يتآلفون ويختلفون فى آن، كل واحد فيهم له مرجعيته، وكل واحد فيهم يجتذب قطاعا عريضا من شعب مصر، الإسلامى بجانب الليبرالى، والناصرى بجوار الإخوانى، كلنا إخوة فى الهم والحلم، ومصر هى المبتغى والأمل والمراد.
تلك الصورة المبهجة والمرشحة بقوة ليتسع كادرها، تكذب أسطورة أن مبارك كان الأصلح لمصر، فمعظمهم صالحون، ومعظمهم يمتلكون مشروعا حضاريا يأملون أن تتطور بلدنا بتنفيذه، يتفقون فى الغايات والأهداف، ويختلفون فى طرائق تنفيذها، يتضامنون من أجل المصلحة العليا ويثبتون أن مصر بخير وأن أبناءها قادرون على قيادتها بديمقراطية وشفافية، وهذا ما يجعلنى أطالب جميع مرشحى الرئاسة، بعمل ميثاق شرف يتباحثون فيما بينهم من أجل إقراره، على أن يتضمن المبادئ الأساسية لفترة الحكم المقبلة.
ضرورة وضع هذا الميثاق تفرضها الظروف الحالية التى أفرزت اضطرابا فكريا وانفلاتا إعلاميا وتناميا للمغازلة المضللة للشعب، ولهذا يجب على مرشحى الرئاسة أن يفرضوا على أنفسهم نهجا ديمقراطيا لا يجوز لهم الانقلاب عليه، وإن كنا فعلا نؤمن بمبدأ تداول السلطة فيجب علينا أن نرسخ العديد من القيم الإيجابية البناءة لتمثل أرضية راسخة لا تتقلب بتقلب الجالسين على مقعد الحكم فى مصر، وأول هذه القيم هى إتاحة الفرصة المطلقة لمبدأ تداول السلطة، ثانى هذه المبادئ هو الالتزام بديمقراطية الدولة ودعم حقوق المواطنة وعدم العبث بهوية مصر وحضارتها وعدم الانقلاب على قيمها الجمالية والفنية الراسخة والتى اجتهد شعب فى تكوينها طوال ماضيه الطويل، وثالث هذه المبادئ هو ضمان استقلالية وسائل الإعلام الرسمية عن الحاكم وتوجهاته، ووضع مشروع مستقبلى لإعادة هيكلة هذه المؤسسات.
رابع هذه المبادئ هو الالتزام بأصول «اللعب الشريف» وعدم شن حملات تشويه مغرضة من جانب أحد المرشحين تجاه آخر، فإن كنا نسعى بالفعل لإقامة دولة الشفافية والعدل فيجب على من يرون فى أنفسهم أنهم القادرون على تحقيق ذلك أن يلتزموا فيما بينهم بقيم المحبة والفضيلة والتعفف عن ارتكاب قذارة العهد البائد.
خامس المبادئ أن يلتزم مرشحو الرئاسة بتقديم برامجهم الرئاسية فى وقت واحد لكى لا يتهم أحدهم منافسا له بالسطو على برنامجه، لذا أدعو الدكتور محمد البرادعى الذى أعلن عن تقديمه لبرنامجه الانتخابى خلال شهر من الآن أن يتراجع عن هذا الميعاد لحين الاتفاق مع زملائه من المرشحين على ميعاد التقدم بالبرنامج إلى الشعب، وإلى هذا الحين فإنى أدعو جميع مرشحى الرئاسة أن يضغطوا بكل قوة على المجلس العسكرى للتعجيل بتسليم السلطة للشعب عن طريق مرشحيهم سواء فى الرئاسة أو البرلمان، وأن يقفوا صفا واحدا لتحقيق مطالب الشعب المتمثل فى الشعار الأشهر «عيش حرية عدالة اجتماعية، وفى رواية أخرى «عيش حرية كرامة إنسانية».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة