الدكتور على جمعة مفتى الجمهورى أصبح فى مرمى نيران جماعات الجهاد التكفيرية التى خرج أعضاؤها من السجون دون مراجعة أو إعلان التوبة عن أفكار التكفير، كما أصبح هدفا دائما لسهام السلفيين فى خطبهم وقنواتهم الفضائية وفى حشدهم، حتى تحول الأمر الى ساحات المحاكم.
بعض رموز تنظيم الجهاد عادت من عتمة الزنازين إلى أضواء الحياة العامة مرة أخرى كأحد الأعراض الجانبية لثورة يناير بنفس الأفكار القديمة التى دخلت من أجلها السجن، وأعادت إنتاج فتاوى التكفير ضد فضيلة المفتى بشأن جواز بناء الكنائس التى صدرت عام 99 ونشرتها مرة أخرى دار الإفتاء مؤخرا مع التذكير بالآراء الفقهية السابقة التى تبيح وتجيز البناء، وخرج أحد رموز التنظيم بفتوى شبه تكفيرية للمفتى ووصف الفتوى بأنها ارتكاب لخطيئة الضلالة وافتراء على الله ورسوله.
ورغم الآراء التى صدرت من قيادات الجماعة الإسلامية والأحزاب المعبرة عنها فى اعتبار الفتوى التى صدرت بتحريم بناء الكنائس غير صحيحة ولا تعبر إلا عن من أصدرها فقط، فإن الأمر لا يخلو من خطورة من تسرب الفكر التكفيرى مرة أخرى فى مواجهة الآراء الفقهية أو الأعمال الإبداعية بعد موجة التكفير لعدد من الفنانين والمثقفين خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات. فقد صدرت فتوى تكفير للأديب العالمى الراحل نجيب محفوظ بسبب رواية «أولاد حارتنا» والفنان محمد عبدالوهاب بسبب أغنية «من غير ليه»، بالإضافة إلى دعوى التفريق بين المفكر نصر حامد أبوزيد وزوجته.
الأخطر أن هذه الرموز التكفيرية طليقة حرة الآن تمارس كل حقوقها دون أن تقدم التنازل المطلوب فى مقابل هذه الحرية ولم يتطرق إليها أحد عند الحديث عن تطبيق العزل السياسى، وهو ما أشار إليه الزميل وائل لطفى فى «روزاليوسف».
التزامن فى الهجوم على فضيلة المفتى من جانب بعض الجهاديين والسلفيين لا يخلو من نوايا ومقاصد غير طيبة، الغرض منها الرغبة فى هدم مؤسسة دينية راسخة بتقاليدها ووسطيتها كما قال الدكتور على جمعة الذى حذر من مغبة هذه الحملات الغريبة التى لا تستهدف شخصه فقط وإنما «هدم الإسلام والأزهر» واستبدال نموذج الإسلام الوسطى فى مصر الذى يمثله الأزهر بمؤسساته العريقة بنموذج الفكر المتشدد، وهو ما تجب مقاومته وصده.