«أنا عصام على عطا.. أنا اتحبست علشان أهلى فقرا.. بس ربنا مش هيسيبنى كده.. ربنا كبير قوى.. هو أحن عليا من البشر».
الكلام السابق كتبه المواطن المصرى عصام على عطا على صفحة «كلنا ضد المحاكمات العسكرية للمدنيين»، وهو واحد من ضحايا المحاكم العسكرية الذى وجد نفسه فجأة فى سجن لمدة عامين دون سبب واضح ودون أن يأخذ حقه فى الدفاع عن نفسه.
عصام كان ينتظر إتمام إجراءات الاستئناف سعيًّا للخروج من ظلام السجن العسكرى، ولكن مؤشر انتظاره قد تغير الآن نحو قبلة أخرى، لن يستأنف أمام القضاء العسكرى، ولن يطلب قضاء طبيعيا أو منظمات حقوقية لإنصافه.. هو الآن جثة هامدة بقرار من مجموعة زبانية لم يصلهم بعد أن المصريين ثاروا ضد التعذيب، ضد أى ضابط بنسر أو دبورة أو حتى يحمل على كتفه سيفين ويتخيل أنه يملك حق معانقة أقفية المصريين بيده، أو يعتقد أن وظيفته فى الحياة أن يسمع من المواطن المصرى قصيدة التوسلات المسبوقة بباشا أو بيه.
جثة عصام ذهبت لقصر العينى دون معرفة أهله، ودمه يسيل من الفم والأنف وصعدت روحه لبارئها بعد الوصول بلحظات، بسبب تعذيب وحشى تقول التقارير الأولية إنه تم عن طريق إدخال خراطيم مياه من فمه ودبره لأنه تجرأ وهرب شريحة موبايل داخل السجن.
مصر هتفت: «ارحل يامبارك»، وسخرت منه وهزأت منه وجعلته عبرة يتلاعب فى «مناخيره» داخل قفص السجن مثل فقرات السيرك القومى، لأن خالد سعيد مات على يد ضباطه، ولأن سيد بلال مات فى سجونه، ومصر ستهتف إن عاجلا أو أجلا وستسخر ويسخر معها التاريخ من المجلس العسكرى فردا فردا ومن حكومة شرف بنى آدم بنى آدم، لأن عصام عطا مات فى سجونهم الحربية فى زمن ما بعد الثورة.
إن كان التعذيب منهجا فى هذا الوطن لمعرفة الحقائق وإقرار العدالة، فليأتونا إذن بفيديوهات تعذيب مبارك، وجثث جمال مبارك، وأحمد عز، وزكريا عزمى، وهى تلفظ أنفسها الأخيرة فى قصر العينى من شدة التعذيب، ألم يُهرّبوا هم أيضا موبايلات فى السجون؟!ألم يسرقوا وطنا بأكلمه وجعلوا من أحلامه كوابيس؟!
حق عصام عطا وكل مصرى طالته يد ضابط شرطة أو ضابط جيش بالتعذيب فى رقبة كل مصرى وفى رقبة المجلس العسكرى، وفى رقبة كل من يظن أن نقد المجلس العسكرى نقد للذات الإلهية.
ولكل من يريد للمصريين أن يجلسوا فى محراب المجلس شاكرين له حماية الثورة وعدم إطلاق النار، آسف لهؤلاء لأنه لا يوجد شكر على واجب كما قال الأولون، آسف عليهم قبل أن يكون لهم، لأن سعيهم الحثيث لاستبدال مبارك بالمجلس العسكرى وتنزيه أهل المجلس عن الهوى نقطة سوداء فى تاريخ هذا الشعب الذى اعتاد دوما أن يرفع كرامته وعزته فوق مطالب الاستقرار والبحث عن راحة البال.
مصر لا تريد طاغية جديدا، يا سادة المجلس العسكرى، مصر يا جنرالات لم تثر وتغضب لتخلع مبارك وتستبدل به مجلسًا مباركى الهوى، الناس فى الشوراع لم تحطم صنمًا لتخضع وتسجد لتسعة عشر صنما أخرى، الناس فى مصر يا سادة المجلس العسكرى لم تثر ولم تغضب لأنها كانت تريد أن تأكل الجاتوه بدلا من العيش الحاف، أو تركب الهامر بدلا من الميكروباص، انزلوا إلى الشوراع يا جنرالات وستعرفون أن تلك أشياء بخسة الثمن، حينما تقارن بالكرامة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة