تنازلوا عن تعديلات الدوائر الانتخابية وإلغاء قانون الطوارئ وباعوا القائمة النسبية، وارتضوا بالجدول الزمنى غير المريح الذى وضعه المجلس العسكرى لتسليم السلطة مقابل تقديم موعد عقد أول جلسة فى البرلمان، واعتبروا أن موافقة العسكرى على تعديل المادة 5 من قانون الانتخابات إنجاز، ليس هذا وكفى، بل قاموا بالتوقيع على إقرار موثق يتضمن تأييدهم الكامل للمجلس العسكرى وتقديرهم الكامل لدوره فى حماية الثورة.
السطور السابقة تتكلم عن خليط من الأحزاب القديمة والأحزاب الثورية وصل عددها إلى 13 حزبا على رأسها الوفد، والعدالة والحرية، والنور، والجبهة، والمصريون الأحرار، اجتمعت مع الفريق سامى عنان فى لقاء وصفه البعض بالمصيرى، على اعتبار أن هذه الأحزاب وغيرها كانت قد أعلنت بغضب وبحماس قبل هذا اللقاء بـ24 ساعة فقط مقاطعتها للانتخابات اعتراضا على قوانين الانتخابات، وعلى خلاف كل التوقعات جاء الاجتماع المصيرى وكأنه لقاء لمحبين أسفل شجرة مع اتنين ليمون، ما الذى حدث ونقل الأحزاب من خانة الرفض إلى خانة المواءمة؟، وأى ماء بارد سكبه اللواء عنان على غضب هذه القيادات التى لعبت على الناس دور رامبو وعنترة قبل اللقاء بساعات؟.
المفاجأة المؤكدة أنه لم يحدث شىء على الإطلاق،لا الفريق عنان قدم تنازلات، ولا الأحزاب وقادتها كانوا صادقين حينما رفضوا القانون وأعلنوا تحديهم للعسكرى، وكل ماحدث هو ماتكلمنا عنه هنا فى نفس المكان بالأمس حول أن الأحزاب والقوى السياسية ستغرق فى بحر الانشغال بالانتخابات وستنسى الوطن وستسعى للمكاسب الخاصة وتنشغل بالتفاصيل عن الرؤية الأشمل لمستقبله، وهذا ما راهن عليه المجلس العسكرى.. راهن على قوى سياسية غير قادرة على توحيد الصف ولا تعرف معنى إنكار الذات لمصلحة الوطن وثورة هذا الوطن، وربح الرهان لأنه فى الأيام المقبلة لن يعلو صوت فوق صوت الانتخابات ومعاركها.
أنت تعرف بالطبع المادة 5 الخاصة بعدم ترشح الشخصيات الحزبية على قوائم الفردى وعدم جواز انضمام المستقلين عن الفردى للأحزاب فى حالة النجاح، هذه الملعونة كانت السلاح الذى كسر به المجلس العسكرى شوكة القوى السياسية سواء كانت ثورية أو غيره، استخدمها كطعم وأغراهم بما يمكن أن تحققه من مكاسب وشغلهم بالنقاش حولها حتى جعل تغييرها دون باقى المطالب أمرا تعتبره القوى السياسية إنجازا، ليس هذا فقط بل لعبت المادة الملعونة دورا فى سحب الكثير من رصيد القوى السياسية فى الشارع واستعداء الناس ضد الثورة، خاصة مع تكرار ترديد نغمة الخوف من عودة الفلول للبرلمان عن طريقها، وسقوط أكثر من قيادى فى الأحزاب وعدد من شباب الثورة فى فخ التسفيه من المواطنين بالكلام عن النجاح المضمون لفلول الوطنى فى دوائر الأقاليم وهو الكلام الذى جعل أغلب مواطنى المحافظات يشعرون بأن شباب الثورة يعاملونهم وكأنهم غير قادرين على التفرقة بين المرشح الفاسد والمرشح المحترم، وهو أمر ربما يكون به بعض الصحة استنادا إلى التجارب الانتخابية السابقة، ولكن كان يحتاج إلى كثير من الحكمة فى معالجته بطرق أخرى غير الوصاية التى يشعر بها المواطن العادى، حيث إن شباب الثورة يسعى لفرضها عليه منذ البداية بحجة أنه لا يفهم ولا يعرف مصلحة البلد.
المشكلة هنا ياصديقى أن القوى السياسية لم تعرف بعد طريقا للتفاهم مع الشارع المصرى، ولم تدرك بعد أن المواطن المصرى قد يكون بسيطا، وقد يخضع لإغراءات الخدمات الانتخابية، ولكنه أبدا لن يسلّم صوته، الذى يعلم أنه أمانة، للفاسدين.. التزوير وحده كان يفعل ذلك!!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة